إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فينادي: هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من مستغفر فيغفر له ما جناه؟ أحمده سبحانه على نعمه التي من أجلها نعمة الإسلام، وأشكره على تبيين الدين والأحكام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ولد ولا أعوان.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان. بعثه رحمة لأهل الإيمان، وحجة على أهل الظلم والطغيان. نبي رجفت لهيبته قلوب الجبابرة، فكسر كسرى، وقصر قيصر، وقال: سيملك هذا النبي موضع قدمي هاتان.
اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، أهل الفضل والعرفان، وذوي الحفظ والإتقان، عدد ما أضمره الجنان، ونطق به اللسان، وتحركت به الأركان، وما هو في علم الله كائن أو قد كان، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى. عباد الله قد أويتم من الدنيا إلى ركن غير شديد، ورأيتم إيثارها على الآخرة رأيا غير سديد. ما كأنها إلا عماية عن الذكرى حينئذ لا تفيد، أو جرأة على الجبار، فاحذروا أخذه، إن أخذه أليم شديد، أو جلد على النار فما جلد على النار بجليد، أوشك في ورودها فما لأحد عن ورودها محيد. أليست التي يقال لها: هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ فالحذر الحذر! فمن نجا منها إنه لسعيد.