للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتوحيده سلطانا مبينا وحججا. أحمده سبحانه حمد عبد جعل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة ترفع الصادقين إلى منازل المقربين درجا. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي وضع الله برسالته عن المكلفين آصارا وأغلالا وحرجا. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه خير الأنام طريقة وأهداهم منهجا، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد، فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه. فقد خلقكم لأمر عظيم. وهيأكم لشأن جسيم. خلقكم لمعرفته وعبادته، وأمركم بتوحيده وطاعته. وجعل لكم ميعادا تجتمعون فيه للحكم فيكم، وفصل القضاء بينكم؛ فخاب وشقي عبد أخرجه الله من رحمته التي وسعت كل شيء وجنة عرضها السموات والأرض. وإنما يكون الأمان غدا لمن خاف واتقى، وباع قليلا بكثير، وفانيا بباق، وشقوة بسعادة.

عباد الله، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين تتقلبون، ويستخلفها بعدكم الباقون؟ ألا ترون أنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله؟ قد انقضى أجله وانقطع عمله، فتضعونه في بطن صدع من الأرض غير ممهد ولا موسد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وواجه الحساب. فاتقوا الله عباد الله، وبادروا بالتوبة قبل أن يغلق الباب، ويسبل الحجاب.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} ١. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني


١ سورة آل عمران آية: ١٨٥.

<<  <   >  >>