للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو متناقض يكذب بعضه بعضاً، لا يصدر إلا ممن هو أجهل الناس ١.

وأما دعواه أن الصحابة لم يطلبوا من الأعاجم إلا مجرد هذه الكلمة، ولم يعرّفوهم بمعناها، فهذا قول من لا يفرق بين دين المرسلين ودين المنافقين الذين في الدرك الأسفل من النار؛ فإن المؤمنين يقولونها والمنافقين يقولونها، لكن المؤمنين يقولونها مع معرفة قلوبهم بمعناها، وعمل جوارحهم بمقتضاها، والمنافقون يقولونها من غير فهم لمعناها ولا عمل بمقتضاها. فمن أعظم المصائب وأكبر الجهل من لا يعرف الفرق بين الصحابة والمنافقين؛ لكن هذا لا يعرف النفاق ولا يظنه في أهل زماننا، بل يظنه في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأما زمانه فصلح بعد ذلك. وإذا كان زمانه ٢ وبلدانه يُنَزَّهون عن البدع، ومخرجها من خراسان، فكيف بالشرك والنفاق؟ ويا ويح هذا القائل، ما أجرأه على الله! وما أجهله بقدر الصحابة وعلمهم حيث ظن أنهم لا يعلمون الناس "لا إله إلا الله"!

أما علم هذا الجاهل أنهم يستدلون بها على مسائل الفقه، فضلاً عن مسائل الشرك، ففي الصحيحين: " أن عمر رضي الله عنه لما أشكل عليه قتال مانعي الزكاة لأجل قوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ٣، قال أبو بكر: فإن الزكاة من حقها ". فإذا كان منع الزكاة من منع حق "لا إله إلا الله"، فكيف بعبادة القبور، والذبح للجن، ودعاء


١ من قوله: (لا أقول ... إلخ) هكذا وردت هذه العبارة أيضاً في المصوّرة عن مخطوطة الشّيخ محمّد بن عبد اللّطيف، وفي الدّرر السّنية (١/٢٤) : (لا أقول صواب، بل خطأ ظاهر وسبّاً لدين الله، وهو أيضاً متناقض يكذب بعضه لا يصدر إلاّ مِمَن هو أجهل النّاس) . وفي كلتا العبارتين قلق.
٢ في المخطوطة: (أهل زمانه) .
٣ صحيح البخاري: كتاب الصلاة (٣٩٣) وكتاب الزكاة (١٤٠٠) وكتاب الجهاد والسير (٢٩٤٦) وكتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (٦٩٢٤) وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٨٥) , وصحيح مسلم: كتاب الإيمان (٢٠, ٢١) , وسنن الترمذي: كتاب الإيمان (٢٦٠٦, ٢٦٠٧) وكتاب تفسير القرآن (٣٣٤١) , وسنن النسائي: كتاب الزكاة (٢٤٤٣) وكتاب الجهاد (٣٠٩٠, ٣٠٩١, ٣٠٩٢, ٣٠٩٣, ٣٠٩٥) وكتاب تحريم الدم (٣٩٧٠, ٣٩٧١, ٣٩٧٢, ٣٩٧٣, ٣٩٧٤, ٣٩٧٥, ٣٩٧٦, ٣٩٧٧, ٣٩٧٩, ٣٩٨٢) , وسنن أبي داود: كتاب الزكاة (١٥٥٦) وكتاب الجهاد (٢٦٤٠) وكتاب الجنائز (٣١٩٤) ، وسنن ابن ماجة: كتاب الفتن (٣٩٢٧, ٣٩٢٨, ٣٩٢٩) , ومسند أحمد (١/١١, ١/١٩, ١/٣٥, ١/٤٧, ٢/٣١٤, ٢/٣٧٧, ٢/٤٢٣, ٢/٤٣٩, ٢/٤٧٥, ٢/٤٨٢, ٢/٥٠٢, ٢/٥٢٧, ٢/٥٢٨, ٣/٢٩٥, ٣/٣٠٠, ٣/٣٣٢, ٣/٣٣٩, ٣/٣٩٤, ٤/٨) , وسنن الدارمي: كتاب السير (٢٤٤٦) .

<<  <   >  >>