للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم لما قاتلوا مَن منع الزكاة، فلما أرادوا التوبة، قال أبو بكر: لا نقبل توبتكم حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، أتظن أن أبا بكر وأصحابه لا يفهمون، وأنت وأبوك الذين تفهمون؟ يا ويلك أيها الجاهل الجهل المركب! إذا كنت تعتقد هذا، وأن مَن أمّ القبلة لا يكفر، فما معنى هذه المسائل العظيمة الكثيرة التي ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، التي كثير منها في أناس أهل زهد وعبادة عظيمة؟ ومنها طوائف ذكر العلماء أن من شك في كفرهم فهو كافر. ولو كان الأمر على زعمك، لبطل كلام العلماء في حكم المرتد، إلا مسألة واحدة؛ وهي: الذي يصرح بتكذيب الرسول وينتقل يهودياً، أو نصرانياً أو مجوسياً ونحوهم، هذا هو الكفر عندك. يا ويلك! ما تصنع بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان " ١. وكيف تقول هذا وأنت تقرّ أن من جعل الوسائط كفر؟ فإذا كان أهل العلم في زمانهم حكموا على كثير من أهل زمانهم بالكفر والشرك، أتظن أنكم صلحتم بعدهم؟ يا ويلك!

وأما مسألة التذكير، فكلامك فيها من أعجب العجاب: أنت تقول: بدعة حسنة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار " ٢، ولم يستثن شيئاً تشير علينا به، فنصدقك أنت وأبوك لأنكم علماء، ونكذب رسول الله. والعجب من نقلك الإجماع، فتجمع مع الجهالة المركبة الكذب الصريح والبهتان. فإذا كان في الإقناع في باب الأذان قد ذكر كراهيته في مواضع متعددة، أتظن أنك أعلم من صاحب الإقناع، أم تظنه مخالفاً للإجماع؟ وأيضاً، لما جاءك عبد الرحمن الشنيفي أقررت لهم أن التذكير بدعة مكروهة، فمتى هذا العلم جاءك؟

وأما قولك: أمر الله بالصلاة على نبيه على الإطلاق، فأيضاً أمر الله بالسجود


١ الترمذي: الفتن (٢٢١٩) , وأبو داود: الفتن والملاحم (٤٢٥٢) , وأحمد (٥/٢٧٨) .
٢ النسائي: صلاة العيدين (١٥٧٨) , وابن ماجة: المقدمة (٤٥) , وأحمد (٣/٣١٩, ٣/٣٧١) , والدارمي: المقدمة (٢٠٦) .

<<  <   >  >>