ولذا نرى الخطيب يعتمد في كتابه "السابق واللاحق" على كتب التاريخ والتراجم التي تعتني بالوفيات اعتمادًا كبيرًا، فقد نقل عن وفيات ابن قانع وحده أكثر من "٤٨" نصًا، كما سنفصل ذلك في جريدة مصادره في السابق واللاحق، في هذه المقدمة.
وإنما كان هذا الفن نمط خاص من الوفيات، ولم يسبق الخطيب - فيما أعلم - إلى هذا الفن من التأليف، وإنما كان من قبله يؤلف في الوفيات على ترتيب السنين أو المعاجم أو التاريخ العام ونحو ذلك، أما الخطيب فقد اعتنى بهذا الفن من فنون المصطلح وأفرده في كتاب خاص وجمعه على نمط خاص، وقد تيسر له جمع عدد من الرواة غير يسير في كتابه هذا.
وقد ذكر السخاوي وزين الدين العراقي وزكريا بن محمد الأنصاري وابن العماد وغيرهم أن الذهبي قد تابع الخطيب في هذا النمط التأليف، فألف في من هذا الفن كتابًا سماه "التلويح بمن سبق ولحق"(١) ولم أقف على ذكر من ألف في هذا الفن غير الخطيب والذهبي.
[٢ - توثيق نسبة الكتاب إلى الخطيب]
وقد اعتمدت في ذلك ما يلي:
أ - أسانيد الكتاب تبدأ بشيوخ الخطيب البغدادي، وهذا دليل قوي على أن الكتاب له، وقد أشرت إلى ذلك عند ذكر مشائخ الخطيب في هذه المقدمة.
(١) انظر: فتح المغيث (٣/ ١٨٣)، فتح الباقي على ألفية العراقي - في حاشية التبصرة والتذكرة (٣/ ١٠١)، وانظر أيضًا: الذهبي ومنهجه في تاريخ الإسلام (ص: ١٦٥).