شطحات ورموز ولا ما في تلك الطرق من طبقات المريدين والأبدال، والنجباء، والأوتاد والأقطاب إلى غير ذلك مما يقوم عليه بناء الطرق الصوفية، وما يضم من تلك الشعوذات ولقد كسبت هذه الدعوة كثيرا من الأتباع من الأقطار الإسلامية بهذا الأسلوب الهادئ، حيث كان الشيخ يتنقل بدعوته من قطر إلى قطر، ومن بلد إلى بلد، وحيث حل أقام مسجدا للصلاة أشبه بالزاوية أو الخلوة في بلاد المغرب؛ مراكش، وتونس، والجزائر وليبيا، وفي مصر، والسودان، والحجاز.. وفي هذه المساجد أو تلك الزوايا يجتمع أتباعه على كتاب الله وسنة رسوله، دارسين ومتناصحين. هذا وقد بدأت دعوة السنوسي في النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري إذ كان مولده سنة ١٢٠٢هـ، أي بعد مولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأقل من قرن. أما حركة السيد جمال الدين الأفغاني فقد ظهرت في مصر بعد أن وفد إليها وعاش زمنا فيها، فتتلمذ عليه كثير من علمائها كان على رأسهم الشيخ محمد عبده وتلاميذه. وهي حركة سياسية متأثرة بجذور عميقة من الدين. فالأفغاني وإن لم تقم دعوته باسم الدين، وتحت رايته فإنها كانت في صميمها دعوة إلى تحرير العقل الإسلامي، وهي دعوة لم تقم في ظل العصبية القبلية بل قامت في ظل العصبية الوطنية في جميع أقطار الإسلام. إن الأفغاني جعل دعوته ثورة في كل مكان إسلامي، حملها بنفسه وسعى بها إلى حيث يظن أن لها مكانا يغرسها فيما حتى جاء إلى مصر، واتصل بعلماء الأزهر وطلابه، واجتمع إلى كثير منهم وكان واسطة عقدهم الشيخ محمد عبده. ولما كان الاستعمار الإنجليزي جاثما على صدر مصر وكثير من أوطان المسلمين، فقد كانت دعوة الأفغاني ثورة قائمة في وجه هذا الاستعمار الذي يضع المسلم تحت سلطانه