للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالسيوف والحراب جيوشا كثيفة تحمل المدافع والقذائف المدمرة.. مما يعيد إلى الأذهان حروب المسلمين الأولى للفرس والروم. وإلى جانب هذه الدعوات الثائرة على الاستعمار والمستعمرين في قلب الوطن الإسلامي قامت هناك ثورات في بلاد كان سكانها أقلية من المسلمين. ففي بلاد القوقاز، والقرم، والتركستان، قام الزعيم الجركسي الشيخ شامل عام ١٨٠٣م بثورة عارمة على قياصرة الروس، الذين كانوا يأخذون المسلمين تحت أيديهم بالبأساء والضراء، ويسومونهم الخسف والبلاء. فقام هذا المجاهد بثورته العارمة على القيصر، وقد اجتمع حوله الأنصار، مجاهدين في سبيل الله، وقد ظل الشيخ شامل نحو أربعين عاما متواصلة في ميدان الجهاد، كبد فيها الروس مئات الألوف من القتلى.. ولكن بعد أن أبلى الرجل بلاءه في الجهاد هو والمجاهدون معه غلبته على أمره قوة هذه الدولة وجيوشها الكثيفة. وكان من هذا أن ضاعف الروس استبدادهم بالمسلمين، فصادروا أموالهم وأغلقوا مساجدهم، وحرموهم أن يعبدوا الله فيها، حتى جاءت روسيا الشيوعية، فأتت على كل شيء للمسلمين هناك. ومن هؤلاء الأبطال المجاهدين، الذي يأخذ مكانا كريما بينهم الأمير عبد القادر الجزائري الذي قام في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي بثورته العارمة ضد الاستعمار الفرنسي لبلاده الجزائر. فلم يرده عن هذا الجهاد ما كان يعده المستعمر، وكثرة جنوده وعتاده وعدده مع قلة أنصاره وقلة أسلحته - لم يرده هذا عن أن يواجه المستعمر بالحرب، وأن يلتقي معه في كل ميدان ورجاله يستشهدون أمام عينيه.. إنه يؤدي حق الله، وحق الوطن عليه، فهذه أمانة في عنقه، ولا عليه أن هزم بعد هذا، فقد أعذر لنفسه، وأدى الأمانة التي في عنقه ناظرا في هذا إلى قول الله تعالى:

<<  <   >  >>