للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأموال، فذلك له مكانه من صحف التاريخ التي سجلت لهؤلاء المجاهدين أمجد صفحات البطولة، وأعظم مشاهد التضحية والفداء من أجل نصرة الحق، وإعزاز دين الله. وإنما الذي يعنينا هنا أن نعرض للشبهات الباطلة والمفتريات المضللة، التي رميت بها دعوة التوحيد وداعيتها من علماء السوء لنكشف بذلك عن تلك الوجوه المنكرة، التي لم ترع أمانة العلم، ولم تخش الله فيما تقول من زور وبهتان، ابتغاء الاحتفاظ بسلطان لها على العامة، أو تزلفا لأمير أو سلطان، لقاء منصب يعود على صاحبه بجاه أو مال. وإذا كان هؤلاء العلماء الذين خانوا أمانة العلم، وخانوا الله ورسوله، فقالوا غير الحق في دعوة التوحيد وكتموا ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، أو تأولوه على غير وجهه بما يستجيب لأهوائهم، ويحقق مآربهم، إذا كان هؤلاء العلماء قد رحلوا عن هذه الدنيا بما اكتسبوا من عدوان على الحق، ومناصرة للباطل، فإنه قد كان بحسبنا أن ندعهم، وندع حسابهم لله سبحانه -ولكنا قد آثرنا أن نستعرض مقولاتهم ونفضح مفترياتهم، ليكون في ذلك عبرة لمن يأتي بعدهم، حتى يكون له من ذلك رادع يردعه عن أن يخون أمانة العلم، وما أوجبه الله تعالى على العلماء من أن يبلغوا عن الله وأن يبينوا للناس مواقع الخير، ويدعوهم إليه، وأن يريهم وجوه الباطل، ويحذروهم منه.. كما يقول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} ١.نعم لقد نبذ هؤلاء العلماء الذين وقفوا من دعوة التوحيد هذا الموقف المنكر الضال- نبذوا عهد الله وبدلا من أن يكونوا من دعاتها وأنصارها والمجاهدين في سبيل الله لنصرتها والتمكين لها، راحوا يرجمونها بالزور، ويقذفونها بالبهتان. نعم لقد نبذ هؤلاء العلماء الميثاق الذي أخذه الله عليهم، من أن يقوموا في الناس مقام الأنبياء في الدعوة إلى الحق والجهاد في سبيل الله، وطرحوه وراء ظهورهم واشتروا بهذا ثمنا قليلا، فبئس ما يشترون.


١ سورة آل عمران آية: ١٨٧.

<<  <   >  >>