للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم يقول الشيخ في رسالته تلك: "وهذا الذي ذكرناه لا يخالف فيه أحد من علماء المسلمين، بل قد أجمع عليه السلف الصالح، من الأصحاب والتابعين، والأئمة الأربعة، وغيرهم ممن سلك سبيلهم ونهج منهجهم. "أما ما حدث من سؤال الأنبياء والأولياء من الشفاعة بعد موتهم، وتعظيم قبورهم، ببناء القباب عليها وإسراجها، والصلاة عندها، واتخاذها أعياداً ١ وجعل السدنة والنذور لها -فكل ذلك من حوادث الأمور التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وحذر منها كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأصنام " ٢."وهو صلى الله عليه وسلم حمى جناب الدين أعظم حماية، وسد كل طريق يؤدي إلى الشرك، فنهى عن أن يجصص القبر، وأن يبنى، كما ثبت في الصحيح عن جابر، وثبت في الصحيح أيضا أنه صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأمره ألا يدع قبرا مشرفا -أي يعلو وجه الأرض إلا سواه، ولا تمثالا إلا طمسه". ثم يشرح الشيخ بعد ذلك في رسالته، ما أثار الناس عليه من دعوته إلى توحيد الله، وما ينكره من البدع والمحدثات من الأمور، التي جرت المسلمين إلى الشرك وأدخلتهم فيه من أوسع أبوابه، والشيطان يقودهم، وعلماء السوء وسدنة الأضرحة يزينون لهم هذا الضلال، ويلوحون لهم بالسراب الخادع منها -يقول الشيخ رضي الله عنه "فهذا هو الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس، حتى آل بهم الأمر إلى أن كفرونا وقاتلونا واستحلوا دماءنا وأموالنا، حتى نصرنا الله عليهم، وأظفرنا بهم.. وهذا هو الذي


١ وذلك بما يقام كل عام عند مولد كل صاحب ضريح من احتفالات تمتد أسبوعا أو أكثر, يجتمع لها الناس, وتنصب الأصونة, وتعد الموائد وتدق الطبول وتقام الأذكار الراقصة على نغمات الناي والمزمار, ويجتمع الرجال والنساء والغلمان على المنكرات.
٢ الترمذي: الفتن ٢٢١٩ , وأحمد ٥/٢٧٨.

<<  <   >  >>