الناس لهم، وصرفوا وجوههم عن الذين يمدون أيديهم إليهم لاستنقاذهم من النار التي يندفعون إليها، كما يندفع الفراش إلى وقود النار! نعم، لقد انبرى هؤلاء العلماء المتجرون بالدين، يرمون دعوة التوحيد والداعي إليها، والمجتمعين على الدعوة والداعي بالإفك والبهتان وبالمروق من الدين، وابتداع دين جديد، يحل محل الإسلام، وأنهم يتهجمون على مقام النبي صلى الله عليه وسلم وينالون من أولياء الله، أصحاب الأضرحة والقباب، ويكفرون من يزورونهم، وينذرون لهم، ويطلبون العون والمدد منهم.. إلى غير ذلك مما استخرجه هؤلاء العلماء من عقولهم الضالة، وقلوبهم المريضة، من إفك وبهتان يرمون به في وجه الدعوة ويثيرون العامة عليها، ويحرضون الحكام على القضاء عليها وعلى كل من يستجيب لها. وإنه ما أشبه الليلة بالبارحة! فإن الذي ينظر في موقف أدعياء العلم من هذه الدعوة، ليرى وجوها كتلك الوجوه الشيطانية المنكرة التي وقف أصحابها في وجه الدعوة الإسلامية، في الدور المكي.. فيرى وجه أبي لهب، وأبي جهل، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، وغيرهم ممن انقادوا للشيطان، وحاربوا دعوة الحق، حتى هلكوا وهم على الكفر، وإلى النار وبئس المصير.
الذين ضلوا وأضلوا:
وقد بلغ أمر هذا الضلال الذي أعمى قلوب هؤلاء العلماء، أن صوروا هذا الإفك وذلك البهتان في كتب أخرجوها للناس دون حياء، وقد تركوها من بعدهم شهادة ناطقة عليهم بهذا الزور، وأنهم قد باعوا دينهم بدنيا فانية وحطام زائل!! ولو أن هؤلاء الذين ألفوا هذه الكتب في الطعن على دعوة التوحيد، وداعيتها وأنصارها- لو أنهم كان لهم شيء من التوفيق، لما سجلوا هذا الخزي بأيديهم، ولما تركوه ميراث شؤم من بعدهم، يعرضهم للناس، وسوآتهم مكشوفة، مفضوحة على الملأ، ولكان