للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الحديث بكاء حفصة وبكاء عائشة رضي الله عنهما على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولو كانتا تعلمان نكرا في ذلك لم تفعلاه.

وقد يكون دافع البكاء الخوف على الميت من سوء العاقبة، فإذا علم أهل الميت حسن خاتمته أو رجوا له عملا صالحا طابت نفوسهم لما يعلمون له من الكرامة كما جاء في حديث أنس بن مالك أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة (أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء قال يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى) (١)

[أقوال العلماء في البكاء على الميت]

قال أبو جعفر الطحاوي "فذهب قوم إلى كراهة البكاء على الميت واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وبما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" (٢)

قال الشيرازي: (ويجوز البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا إبراهيم إنا لا نغني عنك من الله شيئا ثم ذرفت عيناه فقال له عبد الرحمن بن عوف يا رسول الله أتبكي أو لم تنه عن البكاء قال لا ولكن نهيت عن النوح ولا يجوز لطم الخدود وشق الجيوب لما روى عبد الله ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) (٣)


(١) أخرجه البخاري في باب من أتاه سهم غرب فقتله ج٣/ص١٠٣٤،، وابن حبان في باب ذكر إيجاب الجنة لمن قتل في الحرب نظارا وإن لم يرد به القتال ولا قاتل ج١٠/ص٥٢٠،، والترمذي في التفسير باب ومن سورة المؤمنون ٥/٣٢٧،، وأحمد في باقي مسند المكثرين ١١٨٠٤، ١٢٧٢٣، ١٢٧٧٣، ١٣٢٤٤، ١٣٢٨٧، ١٣٣٦٨، ١٣٥٠٠، ١٣٥٠٤،، والنسائي في الكبرى ٥/٦٥،، والبيهقي باب من أتاه سهم غرب فقتله ج٩/ص١٦٧
(٢) شرح معاني الآثار ج٤: ص٢٩١
(٣) المهذب ج١:ص١٣٩

<<  <   >  >>