تقدم فيما مضى من حديث الإفك بكاء عائشة رضي الله عنها عتبا قالت:(وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع) وتلك دموع تكثر وتغزر حينما تعتب على قريب أو حبيب يقف موقفا لم تكن تتوقعه، ورغم أنه لم يكن ملوما في موقفه لمبررات يراها إلا أن العتب يلازم النفس فتبكي العين أشد البكاء وهذا البكاء مباح حيث لم يرد فيه ذم ولا مدح.
وحينما يتلقى المؤمن كلمة تسوؤه من أناس لا يظن أنهم يؤذونه يعتب عليهم حتى يبكي من ذلك ما حدث به أنس رضي الله عنه قال:(بلغ صفية أن حفصة قالت بنت يهودي فبكت فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال ما يبكيك فقالت قالت لي حفصة إني بنت يهودي فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي ففيم تفخر عليك ثم قال اتقي الله يا حفصة)(١)
(١) أخرجه الترمذي ج٥/ص٧٠٩،، والنسائي في الكبرى باب الافتخار٥/٢٩١، قال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه" وقال المقدسي في الأحاديث المختارة: " إسناده صحيح" قلت: كلاهما يروونه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس وهذا إسناد صحيح، والله أعلم.