للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: الخبر المستفيض الوارد من وجوه كثيرة لا مطعن فيها يفيد العلم النظري للمتبحر في هذا الشأن.

وممن ذهب إلى هذا الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني١ والأستاذ أبو منصور التميمي والأستاذ أبو بكر بن فورك.

وقال الأبياري٢ - شارح البرهان - بعد أن حكى عن إمام الحرمين أنه ضعف هذه المقالة: "بأن العرف واطراد الاعتبار لا يقتضي الصدق قطعا بل قصاراه غلبة الظن لغلبة الإسناد". أراد أن النظر في أحوال المخبرين من أهل الثقة والتجربة يحصل ذلك، ومال إليه الغزالي. وإذا قلنا أنه يفيد العلم فهو نظري لا ضروري، وبالغ أبو منصور التميمي في الرد على من أبى ذلك، فقال: المستفيض وهو الحديث الذي له طرق كثيرة صحيحة لكنه لم يبلغ مبلغ التواتر، يوجب العلم المكتسب ولا عبرة بمخالفة أهل الأهواء في ذلك.

ثالثها: ما قدمنا/ (ر٤١/أ) نقله عن الأئمة في الخبر إذا تلقته الأمة بالقبول. ولا شك أن إجماع الأمة على القول بصحة الخبر أقوى من إفادة العلم من القرائن المحتفة ومن مجرد كثرة الطرق.

ثم بعد تقرير ذلك كله جميعا لم يقل ابن الصلاح ولا من تقدمه٣ أن


١ جمع الجوامع وشرحه للمحلي مع حاشية البناني ٢/١٣٠.
٢ في كل النسخ الأنباري بالنون والباء وهو خطأ والأبياري صاحب الترجمة هو علي بن إسماعيل بن علي بن حسن بن عطية (شمس الدين أبو الحسن) فقيه أصولي متكلم من تصانيفه شرح البرهان، مات سنة ٦١٦. معجم المؤلفين ٧/٣٧.
٣ لكن من تقدم ابن الصلاح قد قال: إنه يفيد العلم اليقيني كما نقل الحافظ نفسه عن أبي إسحاق الإسفرائيني أنه قال: "أهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها الصحيحان مقطوع بها عن صاحب الشرع" انظر ص٣٧٧ وكذا ما نقله عن شيخه البلقيني أنه نقل عن بعض المتأخرين عن جمع من الشافعية والمالكية والحنفية والحنابلة أنهم يقطعون بصحة الحديث الذي تلقته الأمة بالقبول. وكذا في الكلام الذي لخصه عن ابن تيمية فإنه قال في خلاله "فهذا يفيد العلم اليقيني" وانظر الصواعق المرسلة ص٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>