للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظن قوم أنه تفرد بذلك، واحتجوا عليه بالإجماع، وليس بجيد لأن القاضي أبا بكر/ (?٨٣/ب) الباقلاني قد صرح في التقريب بأن المرسل لا يقبل مطلقا حتى مراسيل الصحابة - رضي الله عنهم - لا لأجل الشك في عدالتهم، بل لأجل أنهم قد يروون عن التابعين. قال: إلا أن يخبر عن نفسه بأنه لا يروي إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن صحابي فحينئذ يجب العمل بمرسله١.

قلت: نقل عنه الغزالي في المنخول أن المختار عنده، أن الإمام العدل إذا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أخبرني الثقة قبل. فأما الفقهاء والمتوسعون في كلامهم فقد يقولونه لا عن تثبت فلا يقبل منهم، لأن الرواية قد كثر وطال البحث واتسعت الطرق، فلا بد من ذكر اسم الرجل٢.

قال الغزالي: "والأمر كما ذكر، لكن لو صادفنا في زماننا متقنا في نقل الأحاديث مثل مالك قبلنا قوله ولا يختلف ذلك بالأعصار (يعني أن الحكم/ (ي ١٤٢) لا يختلف جوازا) وأن الواقع أن أهل / (ب ١٧١) الأعصار المتأخرة ليس فيهم من هو بتلك المثابة. وقد قال القاضي عبد الجبار: مذهب الشافعي - رضي الله تعالى عنه - أن الصحابي - رضي الله تعالى عنه - إذا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا قبل إلا أن علم أنه أرسله"٣.

وهذا النقل مخالف للمشهور من مذهب الشافعي.

فقد قال ابن برهان في الوجيز: "مذهب الشافعي: أن المراسيل/ (ر٧٣/ب) لا يجوز الاحتجاج بها إلا مراسيل الصحابة - رضي الله تعالى عنه - ومراسيل سعيد بن المسيب، وما انعقد الإجماع على العمل به.


١ رد الباقلاني للمرسل نقله عنه الغزالي في المستصفى ١/١٠٧ وابن السبكي في الإبتهاج ٢/٢٣٢ نقلا عن حسن هيتو هامش المنخول ص ٢٧٤.
٢ المنخول ص ٢٧٤-٢٧٥.
٣ المنخول ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>