ولقد حظيت السنة المطهرة ببيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشرحه للقرآن بحظها الوافر من وعد الله لتنزيله وذكره بالحفظ، فإنها والقرآن الكريم من مشكاة واحدة. وضياع شيء منها – وهي بيانه وشرحه – ينافي ما وعد الله به من حفظ للقرآن الكريم.
وإذن فالسنة المطهرة داخلة في ذلك الوعد الصادق بالحفظ والضمان الأكيد.
فكان من مظاهر تنفيذ ذلك ما نراه ونلمسه من جهود بذلت لحفظها وصيانتها والذود عن حياضها والتأليف في العلوم التي تخدمها، سرح طرفك في ذلك التراث العظيم، وقلب صفحاته تر العجب العجاب وما يدهش الألباب وخذ ما شئت من نصوص هذه السنة المطهرة، وتابعه في عشرات الكتب فستجد أنه ما من نص إلا وله شأن وأي شأن ودراسة وتحليل واستنباط وتمحيص وتحقيق وأخذ وإعطاء.
ولقد أعد الله لحفظ هذه السنة المطهرة وصيانتها رجالا صنعهم على عينه وأمدهم بشتى المواهب النفسية والعقلية والذكاء المتوقد والحفظ المستوعب والقدرة الهائلة على الإطلاع ما يبهر العقل ويستنفد العجب ويجعل في المطلع على أخبارهم وأحوالهم ما يملأ قلبه يقينا بأن هؤلاء العباقرة ما أعدوا هذا الإعداد العجيب إلا لغاية سامية هي إنفاذ وعد الله الكريم:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ١.
فكان من آثار هؤلاء العظماء ما تزخر به المكتبات الإسلامية اليوم وقبل اليوم من مؤلفات قيمة مختلفة المناهج والمواضيع، متحدة الغاية وهي خدمة السنة المطهرة.
فمؤلفات وضعت على المسانيد وجوامع وسنن على الأبواب العقائدية والتاريخية والفقهية، ومستخرجات، وأجزاء وتخريجات، وشروح وتأليف وأنواع علوم الحديث، وفي الموضوعات والناسخ والمنسوخ، وفي تواريخ الرجال وجرحهم