للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقد نازعته في كونه يصير مجهولا عند الجميع، لكن من مفسدته أن يوافق ما يدلس به شهرة راو ضعيف يمكن ذلك الراوي الأخذ عنه، فيصير الحديث من أجل ذلك ضعيفا وهو في نفس الأمر صحيح، وعكس هذا في حق من يدلس الضعيف ليخفي أمره فينتقل عن رتبة من يرد خبره مطلقا إلى رتبة من يتوقف فيه، فإن صادف شهرة راو ثقة يمكن ذلك الراوي الأخذ عنه فمفسدته أشد، كما وقع لعطية العوفي في تكنيته ممد بن السائب الكلبي أبا سعيد، فكان إذا حدث عنه يقول: حدثني أبو سعيد فيوهم أنه أبو سعيد الخدري الصحابي - رضي الله عنه - لأن عطية كان لقيه وروى عنه١.

وهذا أشد ما بلغنا من مفسدة تدليس الشيوخ.

وأما ما عدا ذلك من تدليس الشيوخ فليس فيه مفسدة تتعلق بصحة الإسناد وسقمه بل فيه مفسدة دينية فيما إذا كان مراد المدلس إيهام تكثير الشيوخ لما فيه من التشيع - والله أعلم -.

ونظيره في تدليس الإسناد أن يوهم العلو وهو عنده بنزول - والله أعلم -.

٩٥- قوله (ص) ٢: "وكان شعبة من أشدهم ذما (له) ٣...." إلى آخره. هو: معروف بذلك قال القاضي أبو الفرج المعافى النهرواني٤ - في "كتاب الجليس والأنيس" له، في المجلس الثالث/ (ي ١٨٦) والخمسين منه: كان شعبة ينكر التدليس ويقول فيه ما يتجاوز الحد - مع كثرة روايته عن المدلسين/ (ر٩٨/أ) .


١ نقل الصنعأني هذا النص عن الحافظ في توضيح الافكار ١/٣٧٢ من قوله: "وقد نازعته" إلى قوله: "وهذا أشد ما بلغنا من مفسدة تدليس الشيوخ".
٢ مقدمة ابن الصلاح ص ٦٧ ويعني بذلك ذمه للتدليس.
٣ كلمة له من (هـ) وهي أيضا في مقدمة ابن الصلاح.
٤ المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد النهرواني الجريري - نسبه إلى مذهب ابن جرير - ويعرف بابن طرار (أبو الفرج) فقيه أصولي، أديب نحوي لغوي اخباري شاعر مشارك في غير ذلك من تصأنيفه "الجليس الصالح الكوفي والأنيس الناصح الشافي" و"الحدود والعقود في أصول الفقه" مات سنة ٣٩٠ معجم المؤلفين ١٢/٣٠٢ النجوم الزاهرة ٤/٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>