للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحاديث وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون١ ذلك البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خرسان وغيرهم من البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث فقال البخاري: "لا أعرفه"، فسأله عن آخر فقال: "لا أعرفه" فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه، فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: "فهم الرجل".

ومن منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الحفظ، ثم انتدب إليه رجل آخر من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه. فسأله عن آخر/ (ب٣٥٢) ، فقال: "لا أعرفه"، (فسأله عن آخر فقال: "لا أعرفه") ٢ فلم يزل يلقي عليه واحدا بعد/ (?١٧٢/أ) واحد فلما فرغ من عشرته والبخاري يقول: "لا أعرفه" ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على "لا أعرفه".

فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: "أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك رد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها فأقر الناس له بالحفظ وأذعنوا له بالفضل.

سمعت شيخنا غير مرة يقول: ما العجب من معرفة البخاري بالخطأ من الصواب في الأحاديث لاتساع معرفته.


١ كذا في جميع النسخ وفي تاريخ بغداد "أن يلقوا".
٢ ما بين القوسين سقط من (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>