للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الكسائي أكثر فمحوه من كتبهم ثم قال لي: يا خلف يكون أحد من بعدي يسلم من اللحن.

وعن الفراء قال: ناظرت الكسائي يوما وزدت فكأني كنت طائرا أشرب من بحر.

قال الفراء: إنما تعلم الكسائي النحو على كبر، لأنه جاء إلى قوم وقد أعيا فقال قد عييت، فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن، قال: كيف لحنت؟ قالوا له: إن كنت أردت من التعب فقل أعييت، وإن كنت أردت انقطاع الحيلة والتحير في الأمر، فقل عييت، فأنف من ذلك.

وقام من فوره، فسأل عمن يعلم النحو، فدل على معاذ الفراء فلزمه ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل، ثم خرج إلى بادية الحجاز.

وقال ابن الأنباري: حدثنا أبي قال قال الفراء: لقيت الكسائي يوما، فرأيته كالباكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: هذا الملك يحيى بن خالد، يحضرني فيسألني عن الشيء فإن أبطأت في الجواب لحقني منه عتب، وإن بادرت لم آمن الزلل.

فقلت: يا أبا الحسن من يعترض عليك، قل ما شئت فأنت الكسائي فأخذ لسانه بيده فقال: قطعه الله إذا إن قلت ما لا أعلم.

وقال أحمد بن أبي سريج، سمعت أبا المعاني وكان عالما بالقراءات يقول:

الكسائي القاضي على أهل زمانه.

وقال أبو عمرو الداني من ترجمة عبد الله بن ذكوان أخذ عن أيوب بن تميم وقرأ على الكسائي حين قدم الشام ثم قال: وقال محمد بن الحسن البقاش؛ قال ابن ذكوان.

أقمت على الكسائي سبعة أشهر وقرأت عليه القرآن غير مرة قلت: لم يتابع النقاش أحد على هذا والنقاش يأتي بالعجائب دائما, وذكر الداني في ترجمة الكسائي أن ابن ذكوان سمع الحروف من الكسائي.

وأما الحافظ فلم يذكر شيئا من ذلك ولا ذكر الكسائي في تاريخ دمشق أصلا، وروى عن نصير بن يوسف قال: دخلت على الكسائي في مرض موته فأنشأ يقول:

قدر أحلك ذا النخيل وقد ترى ... لولاه ملك ذو النخيل بدار

ألا كداركم بذي بقر الحمى ... هيهات ذو بقر من المزدار

فقلت: كلا ويمتع الله الجميع بك.

<<  <   >  >>