للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في السؤال عما لم يكن إليه حاجة مع ظهور المعنى ... ١ بل هو أصل في الميل عن الصراط المستقيم، ألا ترى أن المتَّبعين لما تشابه من الكتاب إنما اتبعوا فيه مجرد الاحتمال، فاعتبروه وقالوا فيه وقطعوا على الغيب بغير دليل، فذُمُّوا بذلك، وأمر النبي عليه الصلاة والسلام بالحذر منهم ... ٢

وإلى هذا فأنت ترى ما ينشأ بين الخصوم وأرباب المذاهب من تشعُّب الاستدلال وإيراد الإشكالات عليها بتطريق الاحتمالات، حتى لا تجد عندهم بسبب ذلك دليلا يعتمد، لا قرآنيا ولا سُنِّيًّا٣، بل انجر هذا الأمر


١ كما حكى الله سبحانه وتعالى قصتهم في سورة البقرة (الآيات من: ٦٧ إلى ٧١) ، فالبقرة التي أُمروا بذبحها احتمل عندهم أن تكون فارضا أو بكرا، كما نقَّبوا عن احتمال كونها سوداء اللون أو حمراء أو صفراء ... وغير ذلك من الاحتمالات التي لما اعتدوا بها وطرقوها ابتداء - حين أمروا بذبح بقرة - سألوا عما يبين ذلك فجاءهم ما قيد المطلوب بما يجعله عزيزا. انظر تفسير القرطبي٤/١٠ وتفسير ابن كثير١/١١٤.
٢ وذلك فيما رواه البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيغٌ فَيَتبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ ابْتِغاءَ الفِتنةِ وَابْتِغاءَ تأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلهُ إِلاَّ اللهَ وَالرّاسِخونَ في العِلمِ يَقولونَءَامَنا به كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبنا وَمَا يَذكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الأَلبَابِ} قالت: قال رسول الله: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم". صحيح البخاري مع فتح الباري٨/٢٠٩ وصحيح مسلم ٤/٢٠٥٣. فذمهم الله بأن في قلوبهم الزيغ وأنهم يبتغون الفتنة وحذر منهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال القرطبي في تفسيره ٤/١٠: "المتشابه في الآية من باب الاحتمال والاشتباه"، وانظر تفسير ابن كثير١/٣٥٣.
٣ وهذا ظاهر في بعض كتب أصول الفقه المصنفة على طريقة المتكلمين كالمحصول للرازي والإحكام للآمدي.

<<  <   >  >>