للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصوليون من حكاية إفادته [أي خبر الواحد] القطع عن الظاهرية أو بعضهم، وتعجب الفقهاء وغيرهم منهم لأنا نراجع أنفسنا فنجد خبر الواحد محتملا للكذب والغلط ولا قطع مع هذا الاحتمال"، ثم وجّه ابن دقيق العيد القول بالقطعية بأنه في الأخبار التي معها قرينة خارجة عن الخبر، وقال: "وإنما ذكرنا هذا لأن كثيرا من الفقهاء والأصوليين يعتقدون أن مذهبهم خارج عن ضروب العقل، فبَيَّنّا هذا دفعا لهذا الوهم، وتنبيها لما ينبغي أن ينظر ويبحث معهم فيه"١.

والحاصل أنه ليس مطلق خبر الواحد محل الخلاف، بل الخلاف فيما كان من أخبار الآحاد مقيدا على الأقل بكونه حجة شرعا.

الأمر الثاني: الخلاف في قطعية خبر الواحد وإفادته العلم معناه هل يَقطع المستدل الناظر في الخبر المتصل الذي يرويه الواحد العدل بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله ويتيقن بذلك جازما أم هو يعمل به لظهور احتمال ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم ورجحان ذلك مع احتمال ضعيف بغلط الراوي الواحد أو وهمه أو نحو ذلك.

فليس أصل الخلاف هنا في وجوب العمل بخبر الواحد وأنه دليل من الأدلة الشرعية التي يتوصل بها إلى الأحكام الشرعية في الجملة، فذلك


١ انظر البحر المحيط نقلا عن ابن دقيق العيد٤/٢٦٤.

<<  <   >  >>