للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخبر واحد متصل بالعدول إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فافترقا، وقد سبق في تحرير محل النزاع تغليظ ابن القيم القول على من زعم أن الخلاف في مطلق الخبر١.

ب- أنه يلزم من قطعية خبر الواحد ألا يقع تعارض بين خبرين مطلقا لأن القطعيين لا يتعارضان، لكن التعارض بين الأخبار واقع.

والجواب عن هذا أنه لا يسلم إمكان تعارض خبرين مفيدين للقطع على وجه لا يتبين الأمر فيهما بترجيح أو جمع أو نحو ذلك٢.

جـ- أنه يلزم من قطعية خبر الواحد جواز نسخ القرآن والسنة المتواترة به، وذلك غير جائز.

والجواب عن هذا من وجهين:

الأول: أنه لا يسلم عدم جواز نسخ الدليل من القرآن أو من السنة المتواترة بالدليل غير القطعي مثل خبر الواحد، فإن ذلك محل متنازع فيه٣،


١ انظر الأمر الأول من الأمور المذكورة في تحرير محل النزاع في بداية هذا المطلب.
٢ شرح الكوكب المنير٤/٦١٧، وانظر تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي على الإحكام للآمدي٢/٣٣-٣٤ وخبر الواحد وحجيته لشيخنا د. أحمد محمود عبد الوهاب ص٧١.
٣ فالأكثرون على جوازه عقلا لأن العمل بالظني مقطوع بوجوبه ولكنه عند الجمهور غير واقع شرعا، وذهب جماعة من أهل الظاهر إلى وقوعه احتجاجا بقصة أهل قباء لما حولوا قبلتهم بخبر الواحد، وفصل آخرون فقالوا بوقوعه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم دون غيره. انظر البحر المحيط ٣/١٠٨-١٠٩ وإرشاد الفحول للشوكاني٢/٩٦-٩٨.
ونصر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - الجواز والوقوع شرعا، وأيد ذلك بأن شرط التعارض اتحاد زمان المتعارضين ولا يتحد زمن الناسخ والمنسوخ، ومثّل للوقوع بنسخ إباحة الحمر الأهلية المنصوص عليها بالحصر الصريح في قوله تعالى: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} الأنعام (١٤٥) - نُسخ بالسنة الصحيحة الثابت تأخرها. انظر مذكرة الشيخ محمد الأمين في أصول الفقه ص٨٦-٨٧.

<<  <   >  >>