للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الخامس: ليس مما يتنازع فيه ورود الاحتمال في اللفظ العام عقلا، لذا كان العام عند الحنفية قطعيا نصا غير مُحكَم لاحتمال التخصيص عقلا، فقطعيته عندهم بالمعنى الأعم للقطعية وهو مبني على طرح الاحتمال الذي لا يعضده دليل١.

الأمر السادس: عدم قطعية العام يعني احتمال ألا يراد بحكمه أي فرد من أفراده الداخلة فيه وضعا، وربما دلت القرينة على عدم احتمال الخصوص في فرد معين من أفراده، فلا يكون ذلك الفرد المعين من جملة ما يحتمل ألا يراد في حكم العام.

وذلك مثل الصورة التي ورد العام عليها، فهي قطعية الدخول فيه عند أكثر العلماء، ونُقل عن تقي الدين السبكي أنه يذهب إلى أن صورة السبب ليست قطعية الدخول في العموم كغيرها من أفراده إلا إذا دل دليل آخر - غير كونها صورة السبب الوارد عليها العام - على دخولها فيه، لأن المقطوع هو بيان حكم السبب وذلك معلوم مع تقدير خروجه من اللفظ العام٢.


١ انظر أصول السرخسي١/١٣٧ والتحرير مع التقرير والتحبير ١/٢٣٨.
وقال أبو زيد الدبوسي في تأسيس النظر (ص٢٢) : "الأصل عند أبي حنيفة أن ما يتناوله اللفظ من طريق العموم ليس كما يتناوله اللفظ من طريق النص والخصوص" فهذا يشير إلى أن دلالة العام عند أبي حنيفة ليس في قوة دلالة الخاص.
٢ انظر جمع الجوامع لابن السبكي٢/٣٩-٤٠ وشرح الكوكب المنير٣/١٧٨.

<<  <   >  >>