للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم أنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن تناله أيديهم١، احتج به الإمام أحمد - رحمه الله - على تحريم رهن المصحف عند الذمي، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية والفتوحي٢ أنه مفهوم قطعي٣، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لأنه إذا نهى عما قد يكون وسيلة إلى نيلهم إياه فهو عن إنالتهم إياه أنهى وأنهى"٤.

جهة قطعية المفهوم:

لا خلاف - حسب اطلاعي - في قطعية مفهوم الموافقة على ما سبق سوقه من الأمثلة.

وهو حجة يجب العمل به قطعا بنوعيه القطعي والظني٥، وإنما الخلاف


١ رواه البخاري ومسلم، وليس في صحيح البخاري من قوله: "مخافة أن يناله أيديهم". انظر صحيح البخاري مع فتح الباري ٦/١٣٣ وصحيح مسلم ٣/١٤٩٠-١٤٩١. ورواه الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه بزيادة: "مخافة أن تناله أيديهم" (انظر المسند٢/٦٣ وسنن ابن ماجه٢/٩٦١. وصحح الحافظ ابن حجر كونها من لفظ الحديث غير مدرجة. انظر الفتح ٦/١٣٣-١٣٤ وانظر إرواء الغليل٥/١٣٨-١٣٩.
٢ هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز، تقي الدين ابن النجار الفتوحي، فقيه أصولي، من تصانيفه: شرح الكوكب المنير، منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التننقيح وزيادات، توفي سنة (٩٧٢) هـ. انظر النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد ص١٤١-١٤٢ والأعلام للزركلي٦/٢٣٣ ومقدمة تحقيق شرح الكوكب المنير١/٥-٧.
٣ انظر المسودة ص٣٤٧ وشرح الكوكب المنير ٣/٤٨٦ وحاشية رقم (٥) .
٤ المسودة كما سبق.
٥ الظني هو ما فقد أحد القيدين المذكورين وهما قطعية المعنى من الحكم وقطعية أن المسكوت عنه مساو للمنطوق أو أولى منه في المعنى، فإذا لم يقطع بواحد منهما كان المفهوم غير قطعي. ومثاله أن يفهم من عدم إجزاء العوراء في التضحية عدم إجزاء العمياء لكون المعنى وهو النقص في الخِلقة أشد في العمياء من العوراء، ووجه عدم القطع في هذا أنه لا يقطع بكون المعنى في عدم إجزاء العوراء النقص المذكور لاحتمال أن يكون المعنى غير ذلك مثل كون العوَر مظنة لنقص رعيها المفضي إلى الهزال لأن العوراء لا ترى عند السوم إلا ما قابل إحدى جهتيها أما العمياء فإن عماها مظنة أن يعلفها صاحبها وذلك مظنة السمن، فلما احتمل الأمر ذلك كان المفهوم ظنيا راجحا. انظر مذكرة الشيخ محمد الأمين ص٢٥٠.

<<  <   >  >>