للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مفهوم الموافقة إذا انتهى إلى المرتبة العليا، وإذ ذاك يسمى عند أرباب الأصول: الفحوى" قال: "والغالب على مفهوم المخالفة الظهور والانحطاط عن رتبة النصوص"١، فجعل الغالب في مفهوم المخالفة الظهور دون القطع، وذلك يقتضي أن منه - على خلاف الغالب فيه - ما يكون قطعيا، كما اقتضى جعله الغالب من مفهوم الموافقة القطع والنصية أن يكون منه ما لا يكون قطعيا على خلاف الغالب فيه، غير أن إمام الحرمين - رحمه الله - لم يذكر مثالا للقطعي من مفهوم المخالفة ولا ذكر وجه كونه قطعيا. والله تعالى أعلم.

وللقاضي أبي بكر الباقلاني عبارة قد تحتمل، فإنه قسّم الأدلة إلى قسمين قطعي وظني، ثم قال إشارة إلى القسم القطعي: "ودخل فيه جميع أدلة السمع الموجبة للقطع والعلم من نصوص الكتاب والسنة ومفهومها ولحنها وإجماع الأمة ... "٢.

فالعطف في قوله: "مفهومها ولحنها" يحتمل أن يكون مراده بالمفهوم مفهوم الموافقة وباللحن مفهوم المخالفة، كما يحتمل أن يكون مراده باللحن مفهوم الموافقة أو نوع منه، فاحتملت عبارة القاضي هذه أن يكون ممن يرى جواز كون مفهوم المخالفة قطعيا٣.


١ البرهان١/٣١٢-٣١٣.
٢ التقريب والإرشاد١/٢٢١-٢٢٢.
٣ ومما يدل على هذا الاحتمال قول المحقق بعد كلام الباقلاني المذكور: "يريد المصنف بالمفهوم مفهوم الموافقة ويريد بلحن الخطاب مفهوم المخالفة وكونهما أدلة قطعية مطلقا فيه نظر"، ثم نقل عن إمام الحرمين ما يفيد عدم الإطلاق في قطعيتهما ثم قال المحقق: "وهو الصواب للاختلاف في حجية مفهوم المخالفة ثم إن القائلين بحجيته لا يقولون بحجيته مطلقا". المرجع السابق حاشية رقم (٤) .

<<  <   >  >>