للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جاه ومال, وكان الوليد بن المغيرة يسمى "ريحانة قريش", وكان يقول: لو كان ما يقول محمد حقا لنزل علي أو على أبي مسعود, يعني عروة بن مسعود, وكان يكنى بذلك"١.

وهذا باب آخر من إنكارهم للنبوة. وذلك أنهم أنكروا أولا أن يكون النبي بشرا, ثم لما بكتوا بتكرير الحجج, ولم يبق عندهم تصور رواج لذلك, جاؤوا بالإنكار من وجه آخر, فحكموا على الله سبحانه أن يكون الرسول أحد هذين.

وقولهم: {هَذَا الْقُرْآنُ} ذكر على وجه الاستهانة, لأنهم لم يقولوا هذه المقالة تسليما, بل إنكارا, كأنه قيل: هذا الكذب الذي يدعيه, لو كان حقا لكان الحقيق به رجل من القريتين عظيم.

وهذا منهم لجهلهم بأن رتبة الرسالة, إنما تستدعي عظيم النفس بالتخلي عن الرذائل الدنية, والتحلي بالفضائل والكمالات القدسية, دون التزخرف بالزخارف الدنيوية.

فأنكر سبحانه عليهم بقوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} , وفيه تجهيل وتعجيب من تحكمهم بنزول٢ القرآن العظيم على من أرادوا.

{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قسمة تقتضيها مشيئتنا المبنية على الحكم والمصالح, ولم نفوض أمرها إليهم, وعلما منا بعجزهم عن تدبيرها بالكلية.

{وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ} في الرزق وسائر مبادئ العيش.


١
٢

<<  <   >  >>