يُفْضِيَ بِهِ ذَلِكَ إِلَى النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْجَارِيَةِ: «أَيْنَ اللهُ؟». قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. فَحَكَمَ بِإِيمَانِهَا مَخَافَةَ أَنْ تَقَعَ فِي التَّعْطِيلِ لِقُصُورِ فَهْمِهَا عَمَّا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ تَنْزِيهِهِ مِمَّا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
• تَنْبِيهٌ: لَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ بِإطلَاق «الشَّخْصِ» عَلَى اللهِ، بَلْ أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِمَالِ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الَّذِي بَعْدَهُ، فَتَسْمِيَتُهُ شَيْئًا لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْآيَتَيْنِ». [انتهى كلامه].
قَالَ ابْنُ بَازٍ رحمه الله: الحَقِيقةُ أنَّ كَثِيرًا منَ النَّاسِ يَعتَمِدُ فَهمَهُ وَرَأيَهُ وَمَا وقع فِي نَفْسهِ منَ التَّشْبيهِ؛ فَلِهذَا يُقدِمُ عَلَى إِنْكارِ الرِّوَايَاتِ عَلَى غَيرِ بَصِيرَةٍ، فَالعُمدَةُ فِي هَذَا الرِّوايَةُ، مَتَى ثَبَتتْ لمْ يَجُزْ تَغْليطُ الرُّوَاةِ بِمُجرَّدِ الرَّأيِ وَالظَّنِّ وَالحَدَسِ، فَإِذَا ثَبتَتْ رِوَايةُ «لَا شَخْصَ» فَلَيسَ فِيهَا مَحْذُورٌ، وَالمُرَادُ: لَا ذَاتَ وَلَا شَيءَ وَلَا أَحدَ؛ لِأنَّهُ شَخْصٌ قَائِمٌ بِنَفسِهِ، ذَاتٌ قَائِمةٌ بِنَفْسهَا، كُلُّ شَيءٍ قَائِمٌ بِنفْسِهِ، مَا فِي مَانِعٌ مِنْ أنْ يُطلَقَ عَليْهِ شَخصٌ لِوُجُودِ قِيامِهِ بِنَفْسهِ وَاْستِقلَالِهِ بِنَفسِهِ.
فلَا يَلْزمُ مِنْ تَسْميَتهِ بِهذَا الاسْمِ أنْ يَكُونَ مُشَابِهًا لِلْمَخلُوقَاتِ، كَمَا لَا يَلْزمُ مِنْ تَسْمِيتِهِ وَاحِدًا وَلَا أَحدًا أنْ يَكُونَ مُشَابهًا لِلْمخْلُوقَاتِ، وَلَا يَلْزمُ مِنْ تَسْميتِهِ سَمِيعًا وَبَصِيرًا وَعَالِمًا وَقَدِيرًا مُشَابَهتُهُ لِلْقادِرِينَ وَالسَّامِعينَ وَالمُبْصِرِينَ، كُلُّ هَذَا بَابُهُ وَاحدٌ.
فَالعُمْدةُ الرِّوَايةُ، مَتَى ثَبَتتِ الرِّوَايةُ فَالمُرَادُ عَلَى وَجهٍ لَا يُشَابهُ فِيهِ المَخْلُوقِينَ، فهُوَ أَحدٌ لَا يُشَابهُ المَخْلوقِينَ، شَخصٌ لَا يُشَابِهُ المَخْلوقِينَ إِلَى غَيرِ ذَلِك، البَابُ وَاحِدٌ، فَالعُمدَةُ الرِّوَايةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute