وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنَ اللَّهِ عز وجل الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم البَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ}[الجن: ٢٨]، وَقَالَ تَعَالَى:{أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}[الأعراف: ٦٢]
هَذَا كَلَامٌ من الزُّهرِيِّ عَظِيمٌ، كَلَامٌ عَظِيمٌ «منَ اللهِ الرِّسَالَةُ، ومن الرَّسُولِ البَلَاغُ، وعلى الأُمَّةِ التَّسلِيمُ» يَعْنِي: القَبولَ والانْقِياَد لِمَا جَاءَ به الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الأَوَامِرِ والنَّوَاهِي والأَخبَارِ. الأَخبَارُ يُسلَّمُ لها بِالتَّصدِيقِ، والأَوَامرُ يُسلَّمُ لها بِالامِتِثَالِ، والنَّوَاهِي بِالتَّركِ والاجْتِنَابِ، هَذَا هو الوَاجِبُ على الأُمَّةِ، ولو ما عَرَفُوا الحِكمَةَ ولو ما دَرَوا عنِ الحِكمَةِ، عندنا يَقِينٌ أَنَّه حَكِيمٌ عَلِيمٌ سبحانه وتعالى، سَوَاءٌ عَرفنَا الحِكمَةَ أو لم نَعرِفْهَا.
فعلى الأُمَّةِ التَّسلِيمُ لِلأَوَامِرِ والنَّوَاهِي والأَخبَارِ لِمَا جَاءَ في الكِتَابِ العَظِيمِ، أو السُّنَّةِ الْمُطَهَّرةِ الصَّحِيحَةِ، ولو لم يَفهَمُوا الحِكمَةَ ولم يَعرِفُوا العِلَّةَ، لَيْسَ بِشَرطٍ، إن ظَهَرَتِ العِلَّةُ والحِكمَةُ؛ فهَذَا خَيرٌ إلى خَيرٍ، ونُورٌ إلى نُورٍ وعِلمٌ