للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العِبَادِ، وَيطَّلِعونَ عَلَى أَخْبارِهِم وَشُؤونِهِم، وَيَجْتمِعُونَ فِي صَلَاةِ الفَجرِ وَصَلاةِ العَصرِ -مَلَائكَةُ اللَّيلِ وَمَلائِكةُ النَّهَارِ- ثمَّ يَصْعدُ الَّذينَ بَاتُوا بَعدَ صَلَاةِ الفَجرِ، وَيصْعدُ الَّذينَ فِينَا فِي النَّهَارِ بَعدَ العَصرِ، وَاللهُ يَسْألُهمْ -وَهُوَ أَعْلمُ سبحانه وتعالى- كَيفَ تَرَكتْمُ عِبَادِي؟ يَقُولُونَ: «تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». شَهادَةٌ منَ المَلَائِكةِ لِأُولئِكَ الَّذينَ حَضَروهُمْ وَشَهِدُوا صَلَوَاتِهمْ.

وَالمَقْصودُ مِنْ هَذَا الخَبرِ وَمَا ذُكِرَ مَعهُ منَ الآيَاتِ: بَيَانُ عُلوِّ اللهِ جل وعلا، وَأنَّ اللهَ فِي العُلوِّ فَوقَ العَرشِ فَوقَ جَمِيعِ خَلقِهِ سبحانه وتعالى؛ وَلِهذَا قَالَ: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]، العُرُوجُ يَكُونُ مِنْ أَسْفلَ إِلَى أَعْلَى، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (١٠)} [فاطر: ١٠]. وَالصُّعُودَ وَالرَّفعُ يَكُونُ مِنْ أَسْفلَ إِلَى أَعْلَى.

وَهكَذَا بَقيَّةُ الآيَاتِ {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢)} [غافر: ١٢]، {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ (٥٥)} [آل عمران: ٥٥]، {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨]، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: ٤] إِلَى غَيرِ هَذَا مِنْ أَدِلَّةِ العُلوِّ.

وَقدْ تَكاثَرَتْ أَدلَّةُ العُلوِّ فِي الكِتَابِ وَالسُّنةِ بِمَا لَا يَبْقَى مَعهُ أيُّ شَكٍّ لِمنْ مَعهُ أَدْنَى عَقلٍ، وَذَلِك لِلدَّلالَةِ عَلَى عُلوِّ اللهِ وَفَوْقيَّتِهِ، وَأنَّهُ فَوقَ العَرشِ فَوقَ جَمِيعِ الخَلْقِ، وَلَيسَ مُخْتلِطًا بِهِم، وَلَا حالًّا فِيهِمْ، بلْ هُوَ فَوقَ جَمِيعِ الخَلْقِ سبحانه وتعالى.

فَالْوَاجِبُ عَلَى المُسلِمِ اعْتِقادُ ذلِكَ وَالإِيمَانُ بِذلِكَ، وَأنَّ رَبَّهُ فَوقَ العَرشِ، فَوقَ جَمِيعِ الخَلقِ سبحانه وتعالى، وَلَا تَخْفَى عَليْهِ خَافِيةٌ، يَعلَمُ عِلْمَ عِبَادهِ وَهُوَ فَوقَ العَرشِ، فهُوَ مُحِيطٌ بِهِمْ عِلْمًا وَقُدرَةً وَتَدْبِيرًا سبحانه وتعالى، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ

<<  <   >  >>