للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)} [القلم: ٤٢]، يَكْشِفُ لَهُمْ عَنْ سَاقِهِ سبحانه وتعالى، وَالسَّاقُ هُنَا وَاليَدُ وَالقَدَمُ وَكلُّ ذلِكَ عَلَى الوَجهِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ سبحانه وتعالى، لَا يُشَابهُهُ خَلقُهُ فِي أيِّ شَيءٍ، فَعِنْدَهَا يَسْجدُونَ لَهُ سبحانه وتعالى، وَيَبقَى المُنَافِقُونَ لَا يَسْتطِيعُونَ ذلِكَ وَلَا يَرَونَهُ سبحانه وتعالى؛ لِأنَّهُم مَحْجوبُونَ عَنهُ لِخُبثِهِم وَضَلالِهِم، فَالمُنَافقُ أَعْظمُ كُفْرًا منَ الكَافِرِ المُعْلِنِ.

يَومَ القِيامَةِ يُنَادَى فِي النَّاسِ: لِتَتَّبعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعبُدُ، فعُبَّادُ الشَّمسِ تُمَثَّلُ لَهمُ الشَّمسُ فَيَتَّبِعونَهَا إِلَى النَّارِ، وعُبَّادُ القَمرِ كَذلِكَ يُمثَّلُ لهُمُ القَمرُ فَيتَّبِعُونهُ إِلَى النَّارِ، وَعُبَّادُ اللَّاتِ وَالعُزَّى وَمَناةَ وَالأَصْنَامِ الأُخْرَى تُمثَّلُ لَهُمْ أَصْنامُهُم فَيتَّبِعُونَها إِلَى النَّارِ، وعُبَّادُ البَدَويِّ أوِ الشَّيخِ عَبدِ القَادِرِ أوِ الحُسَينِ أوْ فُلَانٍ أوْ فُلَانٍ تُمَثَّلُ لهُمْ مَعْبُودَاتُهم حَتَّى يَتَّبِعونَهَا إِلَى النَّارِ.

وَيَعُودُ المُؤمِنُ لَا يَدخُلُ فِي ذَلِك، المُؤمِنُ الَّذِي لمْ يَرضَ أنْ يُعبَدَ مِنْ دُونِ اللهِ لَيسَ دَاخِلًا فِي ذلِكَ، وَإنْ مُثِّلتْ لهُمْ صُورَتهُ وَاتَّبعُوهُ إِلَى النَّارِ، لكِنَّهُ لَا يَدخُلُ النَّارَ هُوَ، فَالأَنبِياءُ وَالمُؤمِنُونَ المَعْبُودُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَيسُوا رَاضِيْنَ بِعِبادَتهِم، وَهُمْ يَنْفُونَها وَلَيسُوا مَعَ عَابِدِيهِم، بلْ عَابِدُوهُم فِي النَّارِ، وَهُمْ سَالِمُونَ مِنْ ذَلِك؛ وَلِهذَا قَالَ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} [الأنبياء: ٩٨]، فَهَؤُلاءِ المَعْبُودُونَ الرَّاضُونَ بِذلِكَ، وهَكَذا الأَصْنَامُ وَأَشْباهُهَا كُلُّهم مَع عَابِدِيهِم إِلَى النَّار، نَسْألُ اللهَ العَافِيةَ.

وَأمَّا المَعْبودُ الَّذِي لمْ يَرضَ بِذلِكَ كَالأَنْبِياءِ -عليهم السلام- وعَليٍّ، وَالحَسنِ، وَالحُسيْنِ، رضي الله عنهم، وَعَبدِ القَادرِ الجِيلَانيِّ وَأَشْباهِهِم منَ المُؤمِنِينَ هُمْ لَا يَرْضَونَ بِعِبادَةِ مَنْ عَبدَهُم، بلْ أَنْكرُوا ذلِكَ فِي حَيَاتِهِم وَحَذَّرُوا مِنْ ذلِكَ -فهَؤُلاءِ

<<  <   >  >>