للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكِنْ دَخَلُوهَا بِأَعْمالٍ أُخْرَى، دَخَلُوهَا بِالزِّنَا بِالرِّبَا بِالعُقُوقِ بِأَشْياءٍ أُخْرَى مِنْ جَرائِمِهِم، فَإِذَا أَذِنَ اللهُ فِي إِخْراجِهِم: أَمرَ المَلَائِكةَ أنْ تُخْرِجَهُم، وَأَمرَ الشُّفَعاءَ أنْ يَشْفعُوا فَيَخرُجُ منَ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْركُ بِاللهِ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ التَّوحِيدِ وَالإِسْلامِ الَّذينَ أَوْبَقتْهُم الذُّنُوبُ وَأَدْخلَتْهُم الذُّنُوبُ النَّارَ، نَسْألُ اللهَ العَافِيةَ.

ويُعْرَفُونَ بِآثَارِ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأنَّ الله حرَّمَ عَلَى النَّار أنْ تَأكُلَ آثَارَ سُجُودِ ابْنِ آدَمَ، هَذَا منَ العَلَامَاتِ الَّتِي تَبْقَى يَعْرِفونَهُم بِهَا، وهَذَا مِنْ حِكْمتِهِ وَعدْلِهِ سبحانه وتعالى حَتَّى يَمِيزَ هَؤُلاءِ مِنْ هَؤُلاءِ، يَمِيزَ أَهْلَ الخُلُودِ منَ الكَفرَةِ عَنْ مَنْ لمْ يُحْكَم لهُمْ بِالخُلُودِ وَالبَقَاءِ فِي هَذَا حَتَّى يَخرُجَ.

وَهذَا يُفِيدُ الحَذرَ، وَأنَّهُ لَا يَنْبغِي لِلْعاقِلِ أنْ يَغتَرَّ وَيَقُولَ: إنَّهُ منَ المُصَلِّينَ، أوْ منَ المُزكِّينَ، ثمَّ يُسْرفُ عَلَى نَفْسهِ فِيمَا حرَّمَ اللهُ عَليْهِ، فلَمْ يَدْخُلْها وهُوَ مَعَ المُصلِّينَ، وهُوَ معَ المُوحِّدِينَ، ولكِنَّهُ أَسْرفَ عَلَى نَفسِهِ بِشَيءٍ منَ المَعَاصِي الَّتِي مَاتَ عَليْهَا وَلَمْ يَتُبْ، كَعُقوقِهِ لِوَالِديْهِ، أَكلِهِ لِلرِّبَا، تَعاطِيهِ المُسْكِراتِ، الزِّنَا، اللِّواطِ، ظُلمِ النَّاسِ … إِلَى غَيرِ هَذَا مِنْ أَنْواعِ الجَرَائمِ.

فَلْيحْذرِ العَاقِلُ غَايَةَ الحَذرِ، وَيُحاسِبُ نَفسَهُ، وَلَا يُعجَبُ بِنفْسِهِ وَلَا يُعْجبُ بِعَملِهِ: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩)} [الأعراف: ٩٩].

قَولُهُ: «فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا … ». امْتُحِشُوا: يَعنِي: احْتَرقُوا، نَسْألُ اللهَ العَافِيةَ.

وَالمَعْنَى فِي هَذَا: أنَّ اللهَ يُخرِجُهُم قدْ مَاتُوا وَاحْتَرقُوا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: «يُنْبِتُهُمُ اللهُ إِنْبَاتًا» ثمَّ يُصَبُّ عَليِهم مَاءُ الحَياةِ -نَهرٌ مِنَ الجَنَّةِ- فَيَنبُتُونَ كَمَا تَنبُتُ الحِبَّةُ مِنْ حَمِيلِ السَّيلِ، فَإِذَا نَبتُوا أَدْخلَهُم اللهُ الجَنَّةَ،

<<  <   >  >>