عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، ولَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ» (١). تَردُّدٌ يَلِيقُ بِجَلالِهِ وَعَظمَتهِ، لَيسَ مِنْ جِنسِ تَردُّدِنَا، كَسَائرِ الصِّفَاتِ، لَيسَ تَردُّدَ شَكٍّ وَلَا جَهلٍ، وَإنَّمَا هُوَ لِحِكمَةٍ بَالِغةٍ سبحانه وتعالى.
تَفْسِيرُهُ بِأنَّهُ تَعَارُضُ إِرَادَتَينِ؟
الأَولَى -مِثلُ مَا تَقدَّمَ- يَلِيقُ بِاللهِ، اللهُ أَعلَمُ بِكَيفِيَّتهِ، لَا نَعْلمُ كَيفِيَّتَهُ، لَكِن لَيسَ مِثلَ تَردُّدِنَا؛ لِأنَّ تَردُّدَنا يَكُونُ عَنْ جَهلٍ وَعَنِ اشْتِباهٍ عِنْدَنَا وَشكٍّ، أمَّا هُوَ سُبْحانَهُ فهُوَ العَلِيمُ بِكلِّ شَيءٍ وَهُوَ القَادِرُ عَلَى كلِّ شَيءٍ وَلَا يَغِيبُ عَنْ عِلمِهِ شَيءٌ سبحانه وتعالى. فَتَردُّدُهُ لِمَعنًى آخَرَ لَيسَ مِنْ جِنسِ حَالِنَا، اللهُ أَعْلمُ بِهِ هوُ، وَأَعلَمُ بِكيَفيَّةِ صِفَاتهِ سبحانه وتعالى.
* * *
(١) رواه البخاري (٦٥٠٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute