للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهذَا يُبيِّنُ أنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ كُلِّها مَخْلوقَةٌ للهِ سبحانه وتعالى، فَاللهُ هُوَ الخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلوقٌ؛ وَلِهذَا قَالَ عز وجل {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} [الزمر: ٦٢]، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: ٣]. هَذَا مُرَادُ البُخارِيِّ رحمه الله: أنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ كُلِّها مَفْعُولَاتٌ مَخْلوقَةٌ للهِ عز وجل، منَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ وَالبِحَارِ وَبَنِي آدَمَ وَالجِنِّ وَالمَلائِكَةِ وَغَيرِ ذَلِك، فَلهُ الخَلقُ وَلَهُ الأَمرُ، فَمَا كَانَ مِنْ تَخْلِيقهِ وَأَمرِهِ فِي هَذَا العَالَمِ فهُوَ مَخْلوقٌ، وَصِفاتُهُ وَكَلامُهُ كَذاتِهِ غَيرُ مَخْلوقٍ، فهُوَ الخَلَّاقُ سبحانه وتعالى.

وَاللهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ وَالصِّفَاتِ جَمِيعًا، اسْمٌ لِلذَّاتِ الَّتِي هِيَ مَوصُوفَةٌ بِالصِّفَاتِ، مَوصُوفَةٌ بِأنَّها خَالِقةٌ، مَوصُوفَةٌ بِأنَّهَا رَازِقةٌ، مَوصُوفَةٌ بِالرِّضَا وَالغَضَبِ وَالعِلمِ وَالسَّمعِ وَالبَصرِ وَالكَلَامِ وَغَيرِ ذلِك، وَاللهُ بِصِفاتِهِ هُوَ الخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ منَ المَفْعولَاتِ وَالمَوْجُودَاتِ مَخْلُوقٌ لَهُ سبحانه وتعالى فَلَهُ الخَلقُ وَلهُ الأَمْرُ، فَالأَمرُ أَمرُهُ وَالخَلْقُ خَلقُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: ٥٤].

وَالأَمرُ يُطلَقُ عَلَى الكَلَامِ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢]، وَيُطلَقُ عَلَى أَشْياءَ أُخْرَى منَ الشُّؤونِ، فَمَا كَانَ منَ القَولِ فهُوَ كَلَامُهُ وَصِفاتُهُ، وَمَا كَانَ منَ المَخْلوقَاتِ فهُوَ مَخْلُوقٌ.

وكَذلِكَ هَذَا الحَدِيثُ العَظِيمُ، حَدِيثُ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي نَومِهِ عِنْدَ خَالَتهِ مَيْمُونةَ رضي الله عنها؛ لِيَنظُرَ صَلاةَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ فَوائِدُ:

مِنْهَا: جَوَازُ نَومِ الصَّبيِّ عِنْدَ الرَّجلِ وَأَهلِهِ إِذَا كَانَتِ المَرأَةُ مَحْرمًا لهُ؛ لِيَنظُرَ

<<  <   >  >>