للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(الشَّيخُ): ضَبَطَها (فيَكْتُبُ أو فيُكتَبُ) مَا ضَبطَهَا أَحَدُهمَا، العَينِيُّ أوِ الحَافِظُ؟

إنْ كَانَ العَطفُ عَلَى «شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ» يَقْتضِي الرَّفعَ، «فيُكْتَبُ». يَصحُّ هَذَا وهَذَا «يكْتبُ» مَبنِيٌّ لِلمَعْلومِ مثلُ (قُضِي الأَمرُ وَقَضَى اللهُ الأَمرَ) وَيَجُوزُ هذَا.

وَشقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ هُنَا عَفَا اللهُ عَنكَ؟

وشَقِيٌّ خَبرُ مُبتَدأٍ مَحْذوفٍ، وهُوَ شَقِيٌّ.

وَالمَعنَى: أنَّ النَّاس مُيَسَّرُونَ لِمَا خُلِقُوا لَهُ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَسبِقُ عَليْهِ عَملُ أَهْلِ النَّارِ -وَلوْ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاتهِ- وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ كَذلِكَ، كَمَا ثَبتَ فِي «الصَّحِيحَينِ» مِنْ حَدِيثِ عَليٍّ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعضِ خَرجَاتِهِ مَع الجَنائِزِ عِنْدَ القَبرِ وَهُمْ جَالِسُونَ قَالَ: «مَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ». قَالُوا: فَفِيمَ العَملُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ»، ثمَّ تَلَا قَولَهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)} [الليل: ٥ - ١٠] (١).

وَفِي الرِّوَايةِ الأُخْرَى فِي الحَدِيثِ الآخَرِ: «فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ» (٢)؛ لِأنَّ بَعضَ النَّاسِ قَدْ يَعمَلُ بِعَملِ أَهْلِ الجَنَّةِ فِيمَا يَبدُو لِلنَّاسِ، وفِي البَاطِنِ بِخِلافِ ذَلِك،


(١) رواه البخاري (٤٩٤٥).
(٢) رواه البخاري (٢٨٩٨)، ومسلم (١١٢) (١٧٩).

<<  <   >  >>