للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«لَا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لا يَضُرُّهُم مَنْ كَذَّبَهُم ولا مَنْ خَالَفَهُم».

وفي اللَّفظِ الآخَرِ: «مَنْ خَذَلَهُم ولا مَنْ خَالَفَهُم حَتَّى يَأتِيَ أَمرُ اللهُ» (١).

وفي اللَّفظِ الآخَرِ: «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي على الحَقِّ مَنصُورَةً» (٢).

والأَلفَاظُ مُتَقَارِبةٌ، هم: «قَومٌ، طَائفَةٌ، وأُمَّةٌ قَائمَةٌ» كُلُّ هَذِه أَلفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ.

والمَعنَى: أَنَّه لا يَزَالُ في هَذِه الأُمَّةِ مَنْ يَنْصُرُ دِينَ اللهِ، ويَقُومُ بِأَمرِ اللهِ ويَدعُو إلى اللهِ -وإن قَلُّوا في بِعْضِ الجِهَاتِ لا يَلزَمُ أن يَكُونَوا في مَكَانٍ وَاحِدٍ، قد يَكُونُونَ في جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ- حَتَّى يَأتِيَ أَمرُ اللهِ.

والوَاقِعُ شَاهِدٌ بذَلِكَ اليَومَ، وهَكَذَا بعدَ اليَومِ حَتَّى يَتِمَّ أَمرُ اللهِ الَّذي وَعدَ به رَسُولَهُ عليه الصَّلَاةُ والسَّلَامُ، وذَلكَ بأن يُرسِلَ اللهُ رَيحًا طِيَّبةً فَتقِبِضُ أَروَاحَ المُؤمِنِينَ، ولا يَبقَى إلا الأَشرَارُ فعَلَيهِم تَقُومُ السَّاعَةُ.

فَالسَّاعَةُ لا تَقُومُ إلا على الأَشرَارِ، على من لا يَقُولُ في الأَرضِ: «الله، الله»، بل يَبقُونَ في كُفرِهِم وضَلَالِهِم، ويَعُودُونَ إلى عِبَادةِ الأَوثَانِ والأَصنَامِ، وتَمرجُ عُهُودُهُم وأَحوَالُهم، ويَكُونُونُ أَشبَهَ بِالبَهَائِمِ وبذَلكَ تَقُومُ عَلَيهِم السَّاعَةُ، يَعْنِي يَنفُخُ اللهُ في الصُّورِ وتَقُومُ القِيَامَةُ التي أَخبرَ اللهُ بها في كِتَابهِ جلا وعلا.

فإذا كَانَ الأَمرُ هَكَذَا فَيَنبَغِي لِأهلِ العِلْمِ والإِيمَانِ وأَهلِ البَصِيرَةِ وأَهلِ البَصَائرِ أن يَغتَنِمُوا الفُرصَةَ، وأنْ يَستَغِلُّوا وَقتَهُم في الدَّعْوَةِ إلى اللهِ ونَشْرِ الحَقِّ، والصَّبرِ على ذَلكَ، وبَيَانِ البَاطِلِ وتَزيِيفِهِ والتَّحذِيرِ منه؛ حَتَّى يَدخُلَ في هَذِه الطَّائِفَةِ، مَنْ قَامَ بهَذَا دَخَلَ في هَذِه الطَّائِفَةِ، سَوَاءٌ كَانَ في شَرقِ الأَرضِ أو


(١) رواه البخاري (٣٦٤١)، ومسلم (١٠٣٧) (١٧٤).
(٢) رواه البخاري (٣٦٤٠)، ومسلم (٢٤٧) (١٥٦) بنحوه، ورواه ابن حبان في «صحيحه» (٦٧١٤)، واللفظ لابن حبان.

<<  <   >  >>