اللهِ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦]، فهَذهِ أوَّلُ دَعوَتِهم، وزُبْدتُها وخُلَاصَتُها، وَأَساسُها: الدَّعوَةُ إِلَى تَوحِيدِ اللهِ وَالنَّهيُ عَنِ الشِّركِ بِاللهِ عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥} [الأنبياء: ٢٥]، وَنَبيُّنا عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أوَّلُ شَيءٍ بَدأَ بِهِ قَومَهُ: دَعْوتُهُ إِلَى تَوحِيدِ اللهِ، قَالَ: «يَا قَوْمِ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا» (١).
وَمكَثَ فِيهِمْ عَشْرَ سِنِينَ يَدْعُوهُم إِلَى هذِهِ الكَلِمةِ، وإِلَى تَحْقيقِها وَالعَملِ بِها، لَا مُجرَّدُ قَولِها، لوْ كَانَ قَولُهَا يَكفِي لَبَادَروا إِليْها لَا يَضرُّهُم، المَقْصُودُ المَعْنَى وَخَلْعُ الأَوْثانِ، وَخلْعُ الآلِهَةِ الَّتِي تُعبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، وَالبَراءَةُ مِنْها، وَاعْتِقادُ بُطْلانِها، وَالإِيمَانُ بِاللهِ وَحدَهُ، وَتَخصِيصُهُ بِالعِبادَةِ.
عَشرُ سِنِينَ وهُوَ يَقُولُ لَهُمْ: قُولُوا: «لَا إِلهَ إلَّا اللهُ»، فَلْمْ يُؤمِنْ بِهِ إلَّا القَلِيلُ، وَقَالُوا عِنْدَ ذَلِك: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)} [ص: ٥].
تَعَجَّبُوا مِنْ خَلعِهِ الأَوْثانَ وَإِبْطالِهِ إِيَّاهَا: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)} [الصافات: ٣٥ - ٣٧]، هَكَذا يُخاطِبُونهُ، وهَكَذا يَقُولُونَ فِي حقِّهِ؛ لِجَهلِهِم وَضَلالِهِم وَاسْتِقرَارِ الشِّركِ فِي قُلُوبِهم، تَوارَثُوهُ كَابِرًا عَنْ كَابرٍ؛ وَلِهذَا لمَّا بَعثَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مُعاذًا رضي الله عنه إِلَى اليَمَنِ قَالَ لهُ: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ» فِيهِمْ يَهُودُ وَنَصارَى فِي ذَاكَ الوَقتِ، وكَانَ عِنْدَهُمْ عُلُومٌ، وَعِندَهم كِتابٌ.
(١) رواه أحمد في «المسند» (١٦٦٠٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute