حَتَّى يَأتِيَهُ أَجَلُهُ فَيكُونُ ذَلكَ أَكمَلَ في عَذَابِهِ ونَكَالِهِ -نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ- لِأنَّه لم تُصِبْهُ مَصَائِبُ تُخفِّفُ عنه، المَصَائِبُ تُخفِّفُ.
أمَّا الْمُؤمِنُ كَخَامةِ الزَّرعِ مِثلُ الزُّرُوعِ المَعرُوفَةِ، هَذِه تَكْفَؤهَا الرِّيَاحُ هَكَذَا وهَكَذَا، إذا جَاءَت الرِّياحُ كَفَأَتهَا ها هنا وها هنا وَرُبَّما كَسَرَتهَا الرِّيحُ لِشَدِّتِهَا.
فهَكَذَا المَؤمِنُ تُصِيبُهُ أَنوَاعُ البَلَاوِي وربما اشْتَدَّ به البَلَاءُ حَتَّى يَمُوتَ، وهَذِه البَلَاوِي كَفَّارَةٌ له: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ مِنْ خَطَايَاهُ» (١)، فالمُؤمِنُ عُرضَةٌ للمَصَائِبِ وسَائِرِ الأَمرَاضِ والأَكدَارِ؛ لِيُكفِّرَ اللهُ به مِنْ خَطَايَاهُ ويَرفَعَ به من دَرجَاتِهِ، ويُضَاعِفَ من حَسنَاتِهِ، بِخِلَافِ الكَافِرِ فإنه قد يَعِيشُ سَلِيمًا إلى المَوتِ كَالأَرزَةِ؛ حَتَّى يَكُونَ ذَلكَ أَكمَلَ في العَذَابِّ وأَشَدَّ في العَذَابِ -نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ- يَمُوتُ وقد تَوفَّرَتِ السَّيئَاتُ ولم يُكَفِّرْهَا شَيءٌ.
٧٤٦٧ - حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، يَقُولَ: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صَلَاةِ العَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِيتُمُ القُرْآنَ، فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ،
(١) رواه أحمد في «المسند» (٨٠٢٧)، ومسلم (٥٢) (٢٥٧٣)، واللفظ لأحمد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute