للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥].

وَهكَذَا الحَدِيثُ الثَّانِي أنَّهُ قَالَ لِمُعاذٍ رضي الله عنه: «مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ؟» فَأخْبرَ مُعاذٌ رضي الله عنه أنَّهُ لَا يَدرِي، قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، هذِهِ عَادةُ الصَّحابَةِ رضي الله عنهم إذَا سُئِلُوا عمَّا لَا يَعلَمُونَ قَالُوا: اللهُ ورَسُولهُ أَعلَمُ، وهَذَا فِي حَياتِهِ صلى الله عليه وسلم، بَعدَ وَفاتِهِ يُقالُ: (اللهُ أَعلَمُ، أوْ لَا أَدرِي) لِأنَّهُ لَا يَعلَمُ أَحْوالَ العِبادِ بَعدَ وَفاتِهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، فقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» هَذَا حقُّهُ الأَعظَمُ، حقُّهُ الأَعظَمُ أنْ يَعبُدوا اللهَ وَحدَهُ دُونَ كلِّ مَا سِوَاهُ، وأَنْ يُطِيعوا أَوامِرهُ، ويَنْتهُوا عَنْ نَواهِيهِ عَلَى وَجهِ الإِخْلاصِ لَهُ سبحانه وتعالى.

«فَيعْبُدوهُ» أيْ: يَعبُدُوهُ بِالطَّاعَاتِ الَّتِي أَمرَهُم بِها: صَلاتِهِم وزَكَاتِهِم وصَومِهِم وحَجِّهِم وغَيرِ ذَلِك، يَخصُّوهُ بِذلِك ويُفرِدُوهُ بِذلِكَ؛ هَذَا حقُّهُ عَليِهم سبحانه وتعالى، وأنْ يَخلَعُوا تِلكَ الأَوْثانَ الَّتِي يَعبُدونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَحْجَارٍ، وَأشْجَارٍ، وَأَمْوَاتٍ، وَكَواكِبَ وغَيرِ ذلِكَ.

ثمَّ ذَكرَ حَدِيثَيْ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لِعظَمِ شَأنِهَا؛ لِأنَّها سُورَةُ التَّوحِيدِ، وسُورَةُ العَقِيدةِ، وَأَخبرَ أنَّهَا تَعدِلُ ثُلثَ القُرآنِ، وأنَّ الَّذِي كَانَ يُصلِّي بِها فِي قَوْمِهِ ويَقرأُ بِها فِي آخِرِ صَلاتِهِ، قَالَ: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ» يَعنِي: كَمَا أَحبَّهَا.

وفِي لَفظٍ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ» وهِيَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} [الإخلاص: ١ - ٤].

فهِيَ سُورَةُ التَّوحِيدِ، وسُورَةُ العَقِيدةِ، فِيهَا بَيانُ أنَّهُ سبحانه وتعالى هُوَ الوَاحدُ

<<  <   >  >>