للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالتِ الخَوَارِجُ.

وكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ، قَولُ الخَوَارجِ والْمُعتَزلَةِ بَاطِلٌ، بل هم مُسلِمُونَ ما دَامُوا مَاتُوا على التَّوحِيدِ ولم يُشرِكُوا باللهِ شَيْئًا ولم يَأتُوا بنَاقِضٍ مِنْ نَوَاقِضِ الإِسلَامِ، فهم على الإِسلَامِ لكنَّهم خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا، فَعَلُوا ما يُوجِبُ النَّارَ مِنَ المَعَاصِي، وفَعَلُوا ما يُوجِبُ الجَنَّةَ مِنْ تَوحِيدِ اللهِ؛ فَصَارُوا بَينَ بَينَ، بَينَ هَؤلَاءِ وبَينَ هَؤلَاءِ، لا معَ الكُفَّارِ ولا معَ المُؤمِنِينَ السَّالِمِينَ، بلْ هُمْ في بَرزَخٍ آخَرَ، وهم الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ سُبحَانَهُ: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨].

ولا يَدُلُّ هَذَا على التَّهَاونِ بِالمَعَاصِي فإنَّ خطَرَهَا عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ غَضَبَ اللهِ وتُوجِبُ النَّارَ إلا مَنْ رَحِمَ اللهُ ومَنْ مَنَّ عَليهِ بِالعَفُوِ، فلا يَلِيقُ بِعَاقِلٍ أن يَتَسَاهَلَ بها، وإِنْ كَانَتْ لا تَمنَعُهُ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ في الْمُستَقبَلِ، وإن كَانَ لا يُخَلَّدُ في النَّارِ. لكن ومَن يَرضَى؟! أَيُّ عَاقِلٍ يرَضَى أن يَدخُلَ النَّارَ ولو لَحَظَةً، سَاعَةً وَاحِدَةً؟! وأَيُّ عَاقِلٍ يَرضَى بِبَقَائِهِ في النَّارِ المُدَّةَ الطَّوِيلَة أو القَصِيرَة؟! كُلُّ هَذَا لا يَرضَاهُ عَاقِلٌ.

فالوَاجِبُ الحَذَرُ مِنهَا، والابْتِعَادُ عنْهَا وعنْ أَسبَابِهَا، وأَنْ يَجتَهِدَ إذا بُليَ بِشَيءٍ منها بِالمبَادَرةِ بِالتَّوبَةِ والإِقلَاعِ والنَّدَمِ قبلَ أن يَنزِلَ به الأَجلُ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

* * *

<<  <   >  >>