مُنْفِقًا مما يَسَّرَ اللهُ له:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}[الطلاق: ٧]، «اتَّقُوا النَّارَ ولو بِشِقِّ تَمرَةٍ»(١)، فلا يَنبَغِي له أن يَحمِلَهُ سُوءُ الظَّنِّ بِاللهِ، أو البُخلُ بِمَا أَعطَاهُ اللهُ، أو مَحبَّةُ المَالِ أو غيرُ هَذَا مِنْ الآفَاتِ التي لا تَنبَغِي، لا يَنبَغِي أن تَحمِلَه تلكَ الآفَاتُ على الإِمسَاكِ عن الإِنفَاقِ في مَحِلِّهِ والجُودِ في محِلِّه، ولو لمْ تَعلَمْ حَالَ المُعْطَى، إذا سَألَ أو ظَنَنتَ أَنَّه مُحتَاجٌ تُعطِه ما تَيسَّرَ قَالَ تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)} [الذاريات: ١٩]، السَّائِلُ قد يَكُونُ مَعلُومًا وقد يَكُونُ مَجهُولًا، فإذا عَلمَتَ أَنَّه مُحتَاجٌ فهَذَا آكَدُ، وإذا لم تَعلَمْ تُعطِهِ، قد يَكُونُ مُحتَاجًا وأنت لا تَدْرِي، تُعطِهِ ما تَيَسَّرَ.
أما إذا عَلمتَ حَالةً ثَالِثَةً: وهو أَنَّه غَنيٌّ وَأنَّه كَذَّابٌ فهَذَا يُزجَرُ ويُؤَدَّبُ ويُعَلَّمُ ويُوَجَّهُ إلى الخَيرِ؛ حَتَّى يَنتَهِيَ عن جَشَعِهِ وحِرصِهِ على المَالِ، وهو لا يَستَحِقُّ؛ لأنَّ اللهَ قد أَغنَاهُ.
ما دَامَ ما تَعلمُ حَالَهُ تُعطِيه، إلَّا مِنَ الزَّكَاةِ، إذا كَانَ مَجْهُولًا تَقُولُ له هَذَا زَكَاةٌ حَتَّى يَعلَمَ، أمَّا صَدَقَةُ الْمُتَطَّوعِ ما يَحتَاجُ سُؤَالًا.