للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هي غَيرُ المَقَامِ المَحمُودِ؟

غَيرُ المَقَامِ الْمَحمُودِ، الوَسيلَةُ مَنزِلَةٌ في الجَنَّةِ، مَسكَنٌ. بَعضُ الخُرَافِيِّينَ وبَعضُ الجَهلَةِ يَظنَّ أن الوِسِيلَةَ دُعَاءُ الأَنبِياءِ والاِستِغَاثَةُ بِالأَنبِياءِ والاسْتِغَاثةُ بِالأَموَاتِ أو بِالمَلَائِكَةِ. هَذَا مِنْ أَعظَمُ الفِريَةِ ومِن أَعظَمِ الكَذبِ والإِلحَادِ؛ فإنَّ هَذَه لَيستْ وَسِيلَةً إلى الخَيرِ، وَسيلَةٌ إلى النَّارِ، دُعَاءُ الأَموَاتِ والأَنبِياءِ والمَلَائِكَةِ وَسيلَةٌ نعم، لكن وَسِيلَةٌ إلى النَّارِ، وَسِيلَةٌ إلى غَضَبِ اللهِ، وَسِيلَةٌ إلى الخُلُودِ في النَّارِ، أَعُوذُ بِاللهِ.

فإنَّ الوَسَائلَ التي أَمرَ اللهُ بها في قَولِهِ: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥] وقَولِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: ٥٧]، يَعْنِي القُربَ إليه بِطَاعَتِهِ، هَذَا مَعنَى ما قَالَ أَهْلُ التَّفسِيرِ، وقد أَجمَعَ أَهْلُ التَّفسِيرِ على ذَلكَ أنَّ الْمُرادَ بِالوَسِيلةِ طَاعَةُ اللهِ ورَسُولِهِ، والتَّقرُّبُ إليه بما شَرعَ سبحانه وتعالى، وأَعظَمُهَا التَّوحِيدِ، أَعظَمُهَا الإِخلَاصُ للهِ تَعَالَى بِالعَملِ، هَذَا أَعظَمُ الوَسَائِلِ.

أما قَولُ الجَهلَةِ: إن الوَسِيلَةَ التَّقرُّبُ بُدُعَاءِ الأَنبِيَاءِ والاسْتِغَاثةُ بِالأَنبِيَاءِ؛ لأَنَّهم مُعَظَّمُونَ وأَنَّهم أَحبَّاءُ اللهِ، هَذَا مِنْ أَعمَالِ الوَثَنِيِّينَ، مِنْ أَعمَالِ أَبِي جَهلٍ وأَشبَاهِهِ.

وهَكَذَا مَنْ فَسَّرَهَا بِالجَاهِ: السُّؤَالُ بِجَاهِ فُلَانٍ أو بِحَقِّ فُلَانٍ هَذَا غَلَطٌ أَيضًا، لَيْسَتْ هَذِه هي الوَسِيلَةُ بل هَذَا بِدعَةٌ، السُّؤالُ بِجَاهِ فُلَانٍ أو بِحَقِّ فُلَانٍ هَذَا مِنْ البِدَعِ، لا أَصلَ لها في الشَّرعِ، إنما الوَسيلَةُ هي التَّقرُّبُ إلى اللهِ بِطَاعَتِهِ، واتِّبَاعِ شَريعَتِهِ، وفِعلِ أَوامِرِه وتَركِ نَوَاهِيهِ، وهي التي أَمرَ اللهُ بها في قَولِهِ: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥] يَعْنِي: القُربَةَ إليه بِطَاعتِهِ وتَركِ مَحَارِمِهِ.

<<  <   >  >>