للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥]، أما ما في الآيَاتِ الأُخرَى: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: ٧٧] فلا مُنَافَاةَ بينها وبين الحَدِيثِ: «لا يُكَلِّمُهُم اللهُ» كَلَامَ رِضًا ومَحَبَّةٍ، بل كَلَامٌ يَضُرُّهُم ولا يَنفَعُهُم، نَسأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ، وهَكَذَا: «لا يَنْظُرُ إِلَيهِم» يَعْنِي: نَظَر رحَمةٍ وإِحسَانٍ وإلَّا هو لا تَخفَى عليه خَافِيَةٌ، يَرَى الدُّنيَا سبحانه وتعالى.

كَونُهُ يُكَلِّمُهُم لَيْسَ بَينَه وبَينَهُم تُرجُمَانٌ ما تُفِيدُ الرُّؤيَةَ؟

ما يَلزَمُ الرُّؤيَةَ، يُكَلِّمُهُم ويُكَلِّمُونَهُ بِدُونِ رُؤيَةٍ إذا كانوا كُفَّارًا. أنت الآن تُكلِّمُ بِالتليفُونَ، تُكلِّمُ تَرَاهُم؟ تُكلِّمُ كُلَامًا وَاضِحًا تَعرفُ أَنَّه فُلَانٌ وفُلَانٌ، أَبُوكَ، أَخوكَ وأنتَ لا تَرَاهُم، تَعلَمُ أَنَّه كَلَامُهُ. هَذَا مِثَالُه في الدُّنيَا، وقد يَقعَ أَيضًا مِنْ غَيرِ التِّليفُون مثلُ: تَكَلِّمُهُ مِنْ حُجرَةٍ وهو مِنْ حُجرَةٍ ومِن بَابٍ مُغلَقٍ لا تَرَاُه، وَيسمَعُكَ وتَسمَعُه، هَذَا ما يَقَعُ؟! هَذَا مِثالُهُ في الدُّنيَا.

قَولُهُ: «ولو بِشِقِّ تَمرَةٍ»، فيه إِشَارةٌ إلى فَضلِ الإِطعَامِ خَاصَّةً؟

نعم ولو بِالقَلِيلِ، كُنْتَ دَائِمًا أَذكُرُ في مَجلِسِي دَائِمًا قِصّةَ عَائِشَةَ رضي الله عنها ولا بُدَّ أنَّكُم سَمِعتُمُوهَا مَرَّاتٍ في «البُخَارِيِّ»، ولَعلَّهَا في «مُسلِمٍ» أَيضًا.

المَقْصُودُ: أن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَتَت إِلَيها امْرَأةٌ ومعها ابْنتَانِ تَسأَلُ، قَالتْ: فلم أَجِدْ إلا ثَلَاثَ تَمْرَاتٍ فَقَدَّمَتهَا إلى المَرأَةِ، ثَلَاثَ تَمرَاتٍ في البَيتِ وَجَدَت في البَيتِ ثَلَاثَ تَمرَاتٍ، بِيتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ما وُجِدَ فيه إلا ثَلَاثُ تَمرَاتٍ، وهو النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، أَصَابهُ شِدَّةٌ وحَاجةٌ حَتَّى فَقَدُوا التَّمرَ وشَقَّ عَلَيهِم الجُوعُ، ففِي هَذِه الحَالَةِ وَجَدَتْ ثَلَاثَ تَمرَاتٍ فَقَدَّمتهَا إلى المَرأَةِ، والمَرأَةُ قَدَّمَتها لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ بِنتَيهَا تَمرَةٌ، ورَفَعَتِ التَّمرَةُ إلى فَمِهَا لِتَأكُلَهَا -الثَّالِثَةَ-

<<  <   >  >>