للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرُبَّمَا أَكْسَبَ ثَانٍ أَوَّلَا

تَأْنِيثًا انْ كَانَ لِحَذْفٍ مُوْهَلَا

وأَنَّثَ «كَثِيرَةً»؛ مُرَاعَاةً لأنَّ الشَّحمَ مُضَافٌ إلى البُطُونِ، والِفقَهَ مُضَافٌ إلى القُلُوبِ وهي مُؤَنَّثةٌ.

[قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجرٍ رحمه الله فِي «فَتْحِ البَارِي» (١٣/ ٤٩٦)]: «وَإِنَّمَا وَصَفَ الْجَمِيعَ بِقِلَّةِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَصَابَ لَمْ يَعْتَقِدْ حَقِيقَةَ مَا قَالَ بَلْ شَكَّ بِقَوْلِهِ: «إِنْ كَانَ». وَقَوْلُهُ فِي وَصْفِهِمْ: «كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ» وَقَعَ بِالرَّفْعِ عَلَى الصِّفَةِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ، وَأَنَّثَ الشَّحْمَ وَالْفِقْهَ لِإِضَافَتِهِمَا إِلَى الْبُطُونِ وَالْقُلُوبِ، وَالتَّأْنِيثُ يَسْرِي مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ إِلَى الْمُضَافِ أَوْ أَنَّثَ بِتَأْوِيلِ شَحْمٍ بِشُحُومٍ وَفِقْهٍ بِفِهُومٍ». [انتهى كلامه].

قَالَ ابنُ بَازٍ رحمه الله: ولا شَكَّ مِثْلمَا بَيَّنَ سبحانه وتعالى أَنَّه يَعلَمُ السِّرَّ وأَخفَى، وَأنَّه يَسمَعُ الخَفِيَّ والجَهرَ {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣)} [الملك: ١٣]، فهو عَلِيمٌ بِأَحوَالِهِم سَمِيعٌ لِمَقَالِهِم، وإن خَفِيَ على مَنْ يَلتَصِقُ بهم، فإنَّه لا تَخفَى عليه خَافِيَةٌ، سَمعُهُ بِكُلِّ شَيءٍ، وعِلمُهُ لِكُلِّ شَيءٍ سبحانه وتعالى.

والمَقصُودُ مِنْ ذِكرِ قِصَّةِ الثَّقَفِيِّينِ والقُرشِيِّ أو عَكسِهِ: التَّنبِيهُ على الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، يُنَبِّهُ العَبَادَ على أنَّ الوَاجِبَ الحَذَرُ مِنَ اللهِ، وأنهُ يَعلَمُ السِّرَّ وأَخفَى ويَسمَعُ النَّجوَى ولا تَخفَى عليه خَافِيَةٌ، فَعَليكَ يَا عَبدَ اللهِ أنْ تَحذَرَ ما حَرَّمَ عليك، وأن تَبتَعِدَ عن ذَلكَ سِرًّا وجَهْرًا، وأن تَعلَمَ يَقِينًا أَنَّه لا يَخفَى عليه خَافِيَةٌ سبحانه وتعالى؛ فَالوَاجِبُ تَعظِيمُهُ والحَذَرُ مِنْ نِقمَتِهِ، والإِقَامَةُ الدَّائِمَةُ على طَاعَتِهِ واتِّبَاعُ شَريعَتِهِ، وتَعظِيمُ أَمرِهِ ونَهيِهِ، فلا يَخفَى عليه خَافِيَةٌ

<<  <   >  >>