للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والضَّرَاعةِ إلى اللهِ. والتعبُّدُ له سبحانه وتعالى تُسمَّى صَلَاةً، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ اللهُ عز وجل: «قَسمْتُ الصَّلَاةَ بَينِي وبَينَ عَبدِي نِصفَينِ فإذا قَالَ: الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. قَالَ اللهُ: حَمِدَنِي عَبدِي، وإذا قَالَ: الرَّحمَنُ الرَّحِيمِ. قَالَ: أَثنَى عَلَيَّ عَبدِي، وإذا قَالَ مَالِكِ يَومِ الدِّينِ. قَالَ: مَجَّدَنِي عَبدِي … » (١) إلى آخره، فَسمَّى الفَاتِحَةَ صَلَاةً؛ لِأَنَّهَا رُكنُ الصَّلَاةِ، ولأنَّها عِبَادةٌ عَظِيمَةٌ.

٧٥٢٦ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠] فِي الدُّعَاءِ» (٢).

الأَظْهَرُ قَولُ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في هَذَا، وأنَّها في القِرَاءَةِ لا في الدُّعَاءِ؛ لأنَّ الدُّعَاءَ يُستَحَبُّ فيه الإِخفَاتُ، والإِسرَارُ ما يَكُونُ بين ذَلكَ، بل يُستَحَبُّ فيه الإِخفَاتُ {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥]، فَالإِسرَارُ في الدُّعَاءِ مَطلُوبٌ، وقَولُهُ: {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠] يَقتَضِي خِلَافَ ذَلكَ، ولِهذَا ما قاله ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ الْمُراَد به القِرَاءَةُ أَظهَرُ وأَبْيَنُ، أمَّا الدُّعَاءُ فهو مَشرُوعٌ فيه السِّرُّ بينَ العَبدِ وبين رَبِّهِ، إلا إذا كَانَ دُعَاءً يُؤمَّنُ


(١) رواه مسلم (٣٩٥) (٣٨).
(٢) ورواه مسلم (٤٤٧).

<<  <   >  >>