للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلِهذَا قَالَ جل وعلا: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: ٢٣] فهُوَ السَّالمُ مِنْ كلِّ نَقصٍ، وهُوَ المُسلِّمُ لِعِبادِهِ جل وعلا.

ثمَّ علَّمهُم أنْ يَقُولُوا: «التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».

هَكذَا علَّمَهم صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاةِ بَعدَ الرَّكعَتَينِ وبَعدَ الأَخِيْرَةِ - بَعدَ الثَّالِثةِ فِي المَغرِبِ، وبَعدَ الرَّابعَةِ فِي الظُّهرِ والعَصْرِ والعِشَاءِ، وبَعدَ الثَّانيَةِ فِي الفَجْرِ والجُمُعةِ والعِيدِ والنَّوافِلِ ونَحوِ ذلِك.

وهذِهِ التَّحيَّاتُ فَرضٌ؛ لِأنَّ الرَّسُولَ أمَرَ بِها عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وهِي فِي التَّشهُّدِ الأَخيرِ آكَدُ؛ وَلِهذَا عدَّهَا جَمعٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الأَرْكَانِ فِي التَّشهُّدِ الأَخيرِ، وفِي الأوَّلِ مِنْ الوَاجِبَاتِ الَّتِي تَسقُطُ بِالنِّسْيَانِ. ويدُلُّ عَلَى ذلِكَ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَهَا عنْهَا ذَاتَ يَومٍ فلمْ يَجلِسْ فِي التَّشهُّدِ الأوَّلِ، فجَبرَ ذلِك بِسُجُودِ الَّسهوِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ.

ثمَّ هُوَ جل وعلا المَلِكُ، معَ أنَّهُ السَّلامُ، فهُو المَلكُ، مَالكُ الدُّنيَا وَالآخِرةِ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣)} [الناس: ١ - ٣]. {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٣)} [الفاتحة: ١ - ٣] وفِي القِراءَةِ الأُخرَى {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فَهُو المَالِكُ لكلِّ شَيءٍ سبحانه وتعالى؛ وَلِهذَا أَخبَرَ صلى الله عليه وسلم أنَّ اللهَ يَومَ القِيامَةِ يَقبِضُ الأَرضَ، ويَطوِي السَّماءَ بِيَمِينِهِ، ثمَّ يَقولُ: «أنَا المَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟ أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ المُتَكَبِّرُونَ؟». وهَذَا

<<  <   >  >>