لِلمَصلَحَةِ الإِسلَامِيَّةِ والسِّيَاسَةِ الشَّرعِيَّةِ؛ فلِهذَا قد يُعطِي أَقوَامًا وغَيرُهُم أَحبُّ إِليهِ منهم، لكن لِمَا في قُلُوبِهِمْ مِنَ الهَلَعِ والجَزعِ يُعطِيهِم، وفي الحَدِيثِ الآخَرِ:«يَأَبَونَ إلا أن يُبَخِّلُونِي ويَأَبَى اللهُ لِي البُخلَ»(١).
فالحَاصِلُ: أنَّ وَليَّ الأَمرِ عليه أن يُلَاحِظَ الْمَصَالحَ العَامَّةَ في العَطَاءِ والْمَنعِ وفي سَائِرِ شُؤونِهِ؛ لِأنَّه مُكَلَّفٌ بهَذَا، مَأمُورٌ بهَذَا، أن يَسُوسَ الأُمَّةَ بما فيه مَصلَحَتُهَا وسَعَادَتُهَا ونَجَاتُهَا. فهَذَا يُعْطَى وهَذَا لا يُعطَى، وهَذَا يُؤدَّبُ ويُزجَرُ، وهَذَا يُسجَنُ وهَذَا يُقتَلُ على حَسبِ ما تَقتَضِيهِ الأَدِلَّةُ الشَّرعِيَّةُ والمَصَالحُ الإِسلَامِيَّةُ؛ ولِهذَا جَعلَ اللهُ في الزَّكَاةِ حَقًّا لِلمُؤَلَّفةِ قُلُوبِهِم، وفي بَيتِ المَالِ أَيْضًا.
وبَعضُ النَّاسِ لو لم يُعطَ شَيْئًا مِنْ هَذَا المَالِ أو مِنْ الزَّكَاةِ لَرُّبَما كَفرَ وارْتَدَّ عنِ الِإسلَامِ، ولَرُبَّما أَسَاءَ إلى المُسْلِمِينَ بِقطِعِ الطُّرقِ وغَيرِ ذَلكَ؛ فلِهذَا كَانَ يُعطِي أَقوَامًا ويَدعُ آخَرِينَ لِمُرَاعَاةِ الْمَصَالحِ عليه الصلاة والسلام.