للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَامْرَأَةٍ مِنَ اليَهُودِ قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «مَا تَصْنَعُونَ بِهِمَا؟»، قَالُوا: نُسَخِّمُ وُجُوهَهُمَا وَنُخْزِيهِمَا، قَالَ: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ٩٣]، فَجَاءُوا، فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ: يَا أَعْوَرُ، اقْرَأْ فَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، قَالَ: «ارْفَعْ يَدَكَ»، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهِ آيَةُ الرَّجْمِ تَلُوحُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ عَلَيْهِمَا الرَّجْمَ، وَلَكِنَّا نَتَكَاتَمُهُ (١) بَيْنَنَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، فَرَأَيْتُهُ يُجَانِئُ عَلَيْهَا الحِجَارَةَ (٢).

والمَقْصُودُ: من هَذَا أنَّ اليَهُودَ قَومٌ بُهْتٌ، وقَومُ كَذِبٍ؛ ولِهذَا غَضِبَ اللهُ عَلَيهِم بِسَبَبِ تَغيِيرِهِم وتَحرِيفِهِم وتَبدِيلِهِم، وكِتمَانِهِم بَعضَ ما أُنْزِلَ إليهِم، ومِن ذَلكَ الرَّجمُ، فهم يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عن مَوَاضِعِهِ، فَيزِيدُونَ ويُنقِصُونَ، ويَكتبُونَ أَشيَاءَ ويَقُولُونَ: إنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ ولِهذَا غَضِبَ اللهُ عَليهم ومَقَتَهُم، ومن ذَلكَ عَمَلُهُم في الرَّجمِ كِتمَانُهُم آيَةَ الرَّجمِ وتَغِييرُهُم الحَدَّ الشّرعيَّ بِالتَّسخِيمِ: وهو تَسوِيدُ الوُجُوهِ وإِخزَاؤُهم بأن يُركِبُوهُم على دَابَّةٍ مَنكُوسينَ ويُطَافُ بهم في البَلَادِ.

فهَذَا مِنْ تَغييرِهِم وتَحرِيفِهِم وتَبدِيلِهِم، ولِهذَا نُهينَا أن نُصَدِّقَهُم، لا نُصَدِّقُهُم ولا نُكَذِّبُهُم، لأنهم ما يؤمَنونَ، ونَقُولُ: {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ


(١) كذا في «الفتح»، وفي «عمدة القارئ» وغيره: «نُكَاتِمُهُ».
(٢) ورواه مسلم (١٦٩٩).

<<  <   >  >>