وفي هَذَا من الفَوَائِدِ: إَنكَارُ الْمُنكَرِ على مَنْ فَعَلَهُ في اعْتِقَادِ الْمُنكِرِ.
وفيه: رَفعُ الأَمرِ إلى أَهْلِ العِلْمِ عند النِّزَاعِ، في حَيَاةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إلى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وبعد وَفَاتِهِ إلى الأَدِلَّةِ الشَّرعِيَّةِ -إلى الكِتَابِ والسُّنَّةِ- لِأَنَّهَا هي التي تَحِلُّ النِّزَاعَ، فَعمُرُ رضي الله عنه رَفعَهُ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه سلم لِيعرِفَ صِحَّةَ ما قَالَ مِنْ إِنكَارِهِ عليه.
وفيهِ: شِدَّةُ عُمرَ رضي الله عنه وغَيرَتِهِ العَظِيمَةِ حَتَّى أَخذَ بِتَلَابِيبِ هِشَامٍ رضي الله عنه وقَادَهُ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، واشْتَدَّ عليه حَتَّى قَالَ: كَذبْتَ. حَتَّى أَعلَمَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِالوَاقِعِ، وكانت تَغلِبُ عليه قُوَّتُهُ في اللهِ وغَيرَتُهُ العَظِيمَةُ عند رُؤيَتِهِ ما يُخَالِفُ أَمرَ اللهِ.
وفيه: رِفقُهُ صلى الله عليه وسلم بِعُمَرَ رضي الله عنه، فَرَفَقَ بِعُمرَ رضي الله عنه ولم يُشَدِّدْ عليه فَقَالَ:«أَرسِلْهُ»، وهَذَا فيه الرِّفقُ بِالأَخيَارِ والعُظمَاءِ والكِبَارِ ومَن عُرِفَت نِيَّتُهُمُ الطَّيبَةُ وغَيرَتُهُم -وإن شَدَّدُوا في بِعْضِ الشَّيءِ- تَقدِيرًا لِأَعمَالِهِمُ العَظِيمَةِ وغَيرَتِهِم الإِسلَامِيَّةِ وجُهُودِهِم الصَّالِحَةِ. ويُعلَّمُوا ويُوَجَّهُوا بِالحِكمَةِ، فَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اقْرَأْ يا هِشَامُ»، فَلمَّا قَرأَ هِشَامٌ كمَا سَمِعَ عُمرُ رضي الله عنه قَالَ:«هَكَذَا أُنزِلَت» ثم قَالَ: «اقْرَأ يَا عُمرُ» فَقَرأَ عُمرُ رضي الله عنه، قَالَ:«هَكَذَا أُنزِلَت» ثم بَيَّنَ له صلى الله عليه وسلم أنَّ القُرآنَ أُنْزِلَ على سَبعَةِ أُحرُفٍ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل: ٢٠].
قال العُلَمَاءُ: أَحرُفٍ يَعْنِي: مُختَلِفَةً في الأَلفَاظِ مُتَقَارِبَةً في الْمَعَانِي على حَسَبِ مُرَادِ العَرَبِ، فقد تَنزِلُ الآيَةُ بِمَعنَى الآيَةِ الأُخْرَى لكن بِألفَاظٍ مِثلِ: