خَبرُ خُبَيبٍ رضي الله عنه حِينَ قَالَ: «وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ». فَأقرَّهُ النَّبيُّ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ.
وَكَانَ هَذَا فِي قصَّةِ عَاصِمِ بنِ ثَابتٍ بنِ أبِي الأَقْلحِ فِي سَرِيَّتهِ رضي الله عنهم لمَّا أُصِيْبَ، واعْتَدَى عَليهِمْ جَماعَةٌ مِنْ بَنِي لِحْيانَ مِنْ هُذَيلٍ، وأَسرُوا مِنهُم جَماعَةً، مِنهُم خُبيْبٌ رضي الله عنه، وَبَاعُوهُ فِي أهلِ مكَّةَ، وَمَا جَرَى مِنْ قَتلِهِ كَمَا هُنَا فِي الحَدِيثِ.
فَالحَاصلُ: أنَّ قَولَهُ: «وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ» فِيهِ بَيانُ إِثْباتِ الذَّاتِ، كَمَا جَاءَ إِثْباتُ الأَسْماءِ وَالصِّفاتِ هَكَذا الذَّاتُ، فاللهُ سُبْحانَهُ لَهُ ذَاتٌ لَا تُشبِهُ الذَّواتِ، بلْ هِيَ أَعظَمُ الذَّواتِ وأَكمَلُ الذَّواتِ، ولهَا صِفاتُ الكَمالِ وَالأَسْماءِ الحُسنَى.
وَهكَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ قصَّةِ إِبْراهِيمَ عليه السلام: «أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، كُلُّهُنَّ فِي ذَاتِ اللهِ» (١).
فَالوَاجِبُ عَلَى أَهْلِ الإِيمَانِ وعَلَى المُكلَّفِينَ: إِثْباتُ أَسْماءِ اللهِ وصِفَاتِهِ، وَأصْلُ ذلِكَ إِثْباتُ ذَاتهِ سبحانه وتعالى، وَأنَّهُ مَوجُودٌ عَظِيمٌ قَادِرٌ، مَوصُوفٌ بِالصِّفاتِ العُلَا ومُسمَّى بِالأَسْماءِ الحُسنَى، فَوقَ العَرشِ، فَوقَ جَمِيعِ الخَلقِ سبحانه وتعالى، لَهُ الأَسْماءُ الحُسنَى ولَهُ الصِّفاتُ العُلَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى: ١١].
فكَمَا أنَّ المُسلِمِينَ يُثْبِتونَ صِفاتٍ لَيسَ لَهُ فِيهَا شَبِيهٌ، فهَكَذا الذَّاتُ مِنْ بَابِ أوْلَى لَيسَ لَهُ فِيهَا شَبِيهٌ، فهِيَ ذَاتٌ ذَات سَمْعٍ وبَصرٍ وعِلمٍ وقُدْرَةٍ، إِلَى غَيرِ ذلِكَ مِنْ الصِّفاتِ العَظِيمةِ.
(١) رواه البخاري (٣٣٥٧)، ومسلم (٢٣٧١) (١٥٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute