للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كِلْتَا يَديْهِ يَمِينٌ فِي الشَّرَفِ وَالفَضْلِ وَالعَظَمةِ.

[قَالَ الحَافِظُ رحمه الله]: «وَسَاقَ مِنْ طَرِيقِ أبِي يَحْيَى القتَّاتِ -بِقَافٍ وَمُثنَّاةٍ ثَقِيلَةٍ وبَعدَ الأَلِفِ مُثنَّاةٌ أيْضًا- عَنْ مُجاهِدٍ فِي تَفْسيرِ قَولِهِ تَعَالَى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧] قَالَ: «وكِلْتا يَديْهِ يَمِينٌ»، وفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفعَهُ: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ، فَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ».

وقَالَ القُرطُبيُّ فِي «المُفْهِمِ» (٢٤/ ٤٨): كَذَا جَاءَتْ هذِهِ الرِّوَايةِ بِإِطْلاقِ لَفظِ الشِّمَالِ عَلَى يَدِ اللهِ تَعَالَى عَلَى المُقَابَلةِ المُتَعارَفةِ فِي حَقِّنا، وفِي أَكْثرِ الرِّوَايَاتِ وَقعَ التَّحرُّزُ عَنْ إِطْلاقِها عَلَى اللهِ، حَتَّى قَالَ: «وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» لِئلَّا يُتَوَهَّمَ نَقصٌ فِي صِفَتهِ سُبْحانَهُ وتَعَالَى؛ لِأنَّ الشِّمَالَ فِي حَقِّنا أَضْعَفُ منَ اليَمِينِ.

قَالَ البَيهَقِيُّ: ذَهبَ بَعضُ أَهْلِ النَّظرِ إِلَى أنَّ اليَدَ صِفَةٌ لَيْسَتْ جَارِحَةً، وكُلُّ مَوْضِعٍ جَاءَ ذِكْرُها فِي الكِتَابِ أوِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فَالمُرَادُ تَعلُّقُها بِالكَائنِ المَذْكورِ مَعَها، كَالطَّيِّ وَالأَخذِ وَالقَبْضِ وَالبَسطِ وَالقُبُولِ وَالشُّحِّ وَالإِنْفاقِ وغَيرِ ذلِكَ، تَعلُّقُ الصِّفةِ بِمُقتَضَاهَا مِنْ غَيرِ مُمَاسَّةٍ، وَلَيسَ فِي ذلِكَ تَشْبِيهٌ بِحَالٍ، وَذَهبَ آخَرُونَ إِلَى تَأْويلِ ذلِكَ بِمَا يَلِيقُ بهِ. انْتَهى.

وَسَيأْتِي كَلامُ الخَطَّابِيُّ فِي ذلِكَ فِي بَابِ قَولِهِ تَعَالَى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]. [انتهى كلامه].

قَالَ ابْنُ بَازٍ رحمه الله: المَقْصودُ: أنَّ عُمَرَ هَذَا انْفَردَ بِهَا، وَفِيهِ بَعضُ الضَّعفِ، وَلكِنْ الرِّوَايَاتُ الأُخْرَى كُلُّهَا تَشْهَدُ لِذلِكَ؛ لِأنَّهُ قَالَ: «وَكِلْتَا يَدَيْهِ» إِشَارَةٌ إِلَى أنَّ هَذَا التَّعْبيرَ بِاليَمِينِ لَا يَتضَمَّنُ نَقْصًا فِي الثَّانِيةِ، فهِيَ وَإنْ كَانَتْ تُسمَّى شِمَالًا فلَا نَقصَ فِيهَا، فهِيَ يَمِينٌ فِي المَعْنَى وَالشَّرفِ وَالفَضْلِ، وإِلَّا

<<  <   >  >>