للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما في هذا المصحف وَفق ما قرأ وروى؛ لأن في القراءة كيفيات وصفات لا تؤخذ إلا بالتلقي والمشافهة.

ومما ينبغي تأكيده - ونحن نتكلم على إتقان التجويد - أمران:

الأول: أن يُتَخيَّر للقراءة شيخ متقن ضابط، استكمل الأهلية في هذا الأمر، فإذا حصَّل المرء مثله فليحرص على طول ملازمته والأخذ عنه.

قال مكي بن أبي طالب: (يجب على طالب القرآن أن يتخير لقراءته ونقله وضبطه أهل الديانة والصيانة، والفهم في علوم القرآن، والنفاذ في علم العربية، والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن، وصحة النقل عن الأئمة المشهورين بالعلم) (١) .

الثاني: العناية بمخارج الحروف وصفاتها، وهو من أهم مباحث التجويد، وإتقانه يعد إتقاناً لثلاثة أرباع التجويد.

وعرَّف الإمام الداني التجويد بقوله: (فتجويد القرآن، هو إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها ومراتبها، وردّ الحرف من حروف المعجم إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وشكله، وإشباع لفظه، وتمكين النطق به على حال صيغته وهيئته من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف) (٢) .

وجعل الصفاقسي التجويدَ: معرفة مخارج الحروف وصفاتها (٣) .

وأرى أن من أفضل ما يدرسه المعلم في باب التجويد - ويحسن به حفظه - هو منظومة ابن الجزري (المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه) المعروفة بالجزرية؛ لأنها تمثل واسطة العقد في مؤلفات هذا الفن، ولاقت


(١) الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة: ٨٩.
(٢) التحديد في الإتقان والتجويد: ٧٠.
(٣) غيث النفع: ٢١.

<<  <   >  >>